موقف المختار من التحوّلات السياسية
بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله
من الثابت تاريخيا تشيّع المختار وموالاته لأهل بيت نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولكن المعروف أنّ أقطاب التشيع والمحدثة في ذلك الحين لم ينهضوا بأعباء تغيير الواقع التاريخي الذي ساد بعد غياب الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لأمور كثيرة ، أوضحها لدينا الاقتداء بأمير المؤمنين عليهالسلام الذي صرح في بعض خطبه بالسكوت والصبر بعد أن لم يجد ناصرا ولا معينا ، ومن هنا اتخذ شيعته موقف المسالمة حفظا على بيضة الإسلام الذي كانت تحيطه الأخطار من كل حدب وصوب ، ولم يكن هذا الموقف ثابتا في تاريخ التشيّع ، إذ تغير بعد بروز نجم الأمويين بعد أن تمهّدت السبل إليهم ، وهنا يبرز المختار كشخصية شيعية معارضة فنراه قد فتح أبواب بيته لمبعوث الحسين بن علي عليهماالسلام ، إلى أهل الكوفة مسلم بن عقيل عليهالسلام ، وهذا يساعدنا على اعتبار أن ثورته رحمهالله كانت أمرا طبيعيا ومنتظرا من رجل شجاع ومخلص مثل المختار رضياللهعنه (١).
وحيث انتهى مصير الإمام الحسين إلى ما انتهى إليه من ثورة عملاقة على طغاة العصر وفراعينه كتبها الدهر بأحرف من نور ، وحيث لم تسنح الفرصة
__________________
(١) الأخبار الطوال : ٣٤١ ، الكامل في التاريخ ٣ : ٣٨٦ (سنة٦٠) ، بحار الأنوار ٤٥ : ٣٥٣.