نعم ، تقدم ان طريقية القطع ذاتية لكنها غير حجيته.
واما مناقشة الشيخ ، فيمكن ان يقال في دفعها :
أولا : بالنقض بمورد الجاهل المركب المقصر ، فانه في حال علمه لا يمكن ثبوت أحكام الشك له ، ولكنه لا يكون معذورا في مخالفته للواقع مع انه قاطع.
وثانيا : بأنه وان سلم ان القاطع في حال قطعه لا يمكن إرجاعه إلى أحكام غير القاطع بما هي أحكام لغير القاطع ، لكننا يمكننا ان ندعي هذا القاطع لا يكون معذورا لو خالف قطعه الواقع ، وهذا هو المراد من نفي حجية قطعه.
بيان ذلك : ان حجية القطع ترجع إلى وجوب متابعته ومنجزيته للواقع لو صادفه ومعذريته لو خالف قطعه الواقع.
فالذي ندعيه : ان العقل لا يحكم بمعذرية قطع القطاع لو خالف الواقع. وهذا لا محذور فيه أصلا ولا يتنافى مع لزوم متابعة القطع الحاصل بنظر القاطع.
وعليه ، فيكون الكلام في أن الحكم العقلي بمعذرية القطع وعدم استحقاق العقاب على مخالفة الواقع الّذي تعلق القطع بخلافه ، هل هو ثابت لجميع افراد القطع اما انه ثابت لبعض الافراد دون بعض؟.
ولا يخفى ان التشكيك في ذلك يكفي في عدم ثبوت المعذرية ولا نحتاج إلى إثبات العدم ، وانما الّذي يحتاج إلى الإثبات هو القول بالحجية.
ولكن الإنصاف عند ملاحظة حال العقلاء ومعاملاتهم فيما بينهم ومع عبيدهم ـ التي هي الطريق لتشخيص أصل حجية القطع في الجملة ـ هو عدم معذورية القاطع إذا كان قطعه من غير طريق متعارف ، فمن امر وكيله بشراء خاصة له بالقيمة السوقية فاشتراها الوكيل بأزيد منها استنادا إلى قطعه بان الثمن يساوي القيمة السوقية ، لكنه ملتفت إلى ان قطعه غير ناش عن سبب متعارف فللموكل ان لا يعذر وكيله ويعاتبه كما لا يخفى.
وليس هذا امرا بعيدا بعد التزام الفقهاء بمعاقبة الجاهل المركب المقصر