الثاني : انه طريق لتكميل النّفس وإيصالها إلى المرتبة الكاملة ، كما يقال في المرض في دار الدنيا.
الثالث : كونه على طبق المصلحة النوعية للعالم الأخروي ، كاختلاف الأشخاص في دار الدنيا في الأحوال ، لكونه على طبق المصلحة النوعية للعالم الدنيوي.
ومن الواضح ان العقاب بأحد هذه الوجوه الثلاثة لا دخل لحكم العقل فيه ، بل هو يدور سعة وضيقا وتحديدا لموضوعه مدار الدليل النقلي ، إذا لا طريق للعقل إلى إدراك ما يكون من الأعمال سببا ذاتيا للعقاب ، أو إدراك ما هو من طريق كمال النّفس ، وما هو على طبق المصلحة النوعية ، فقد يعاقب المطيع لإكمال نفسه ـ كما يبتلي المؤمن في دار الدنيا ـ أو لأجل المصلحة النوعية وكيف يحكم العقل في عالم يجهل شئونه وخصوصياته.
وجملة القول : ان العقاب الثابت بعنوان التأديب ـ كالعقاب الدنيوي ـ لا يحكم العقل بثبوته في الآخرة لأنه لغو محض ، والثابت بعنوان آخر من العناوين الثلاثة لا طريق للعقل إليه ولا يكون من موارد حكم العقل.
ومن هنا يظهر : بطلان الالتزام بحكم العقل باستحقاق العقاب ومنجزية القطع ، خصوصا ممن يلتزم بان استحقاق العقاب من باب تطابق آراء العقلاء حفظا للنظام ، إذ لا معنى لبناء العقلاء عملا على استحقاق العقاب في الآخرة كما هو واضح جدا. ويقوي الإشكال على من يلتزم بذلك مع تقريبه لكون العقاب من لوازم الأعمال. إذ تجسم الأعمال لا يرتبط بحال ببناء العقلاء عملا ونظرهم ، كما هو أوضح من ان يبين.
كما ان القول بان مرجع الحكم باستحقاق العقاب ان العقاب لو وقع لكان في محله ، غير صحيح ، إذ بعد ان كان العقاب بأحد الطرق الثلاثة التي لا دخل للعقل في إدراك مواردها ، فكيف يحكم ان العقاب في هذا المورد في محله؟! إذ