ومنها : ما دل على وجوب الرجوع إلى الرّواة والثقات والعلماء ، كرواية الاحتجاج وغيرها (١).
ومنها : ما دل على الأمر بحفظ الحديث وكتابته وتداوله (٢) (٣).
أقول : بعد ملاحظة جميع هذه النصوص ، لم نستطع ان نستفيد منها حجية خبر الثقة أو غيره ، كما ادعي.
فانّ العمدة التي يمكن ان يستفاد منها ذلك ، هو طائفة الإرجاع إلى الثقات المعنيين كزرارة وغيره ، فانه يكشف عن حجية خبر الثقة ، وما ورد من مثل : « لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك فيما يرد به منا ثقات شيعتنا » (٤) ـ اما ما دل على حسن حفظ الحديث وكتابته ، فلا دلالة له بوجه على الحجية ـ ، إذ من المحتمل قريبا ان يكون الأمر بذلك لأجل ما في الحفظ والكتابة والتداول من إبقاء الحق وحفظ الأحكام عن الزوال. واما ما دل على ترجيح أحد المتعارضين فهو أجنبي عن إفادة الحجية ، وانما هو متفرع عن كون كل من الخبرين حجة في نفسه ، ومع قطع النّظر عن المعارضة. وهذه الطائفة ـ أعني ما دل على الإرجاع إلى بعض الثقات ـ لا تنفع في إثبات حجية خبر الثقة تعبدا.
بيان ذلك : ان وثاقة الشخص ، بمعنى تحرزه من الكذب ..
تارة : تحرز بالوجدان بواسطة المعاشرة ، أو بواسطة شهادة من يطمئن بشهادته واصابتها للواقع.
وأخرى : تثبت بواسطة حسن الظاهر الّذي جعل طريقا للعدالة شرعا.
وثالثة : تثبت بشهادة البينة العادلة التي يجوز في حقها الاشتباه.
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٨ ـ ١٠١ باب : ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث : ٩.
(٢) وسائل الشيعة ١٨ ـ روايات باب : ٨ من أبواب صفات القاضي.
(٣) الأنصاري المحقق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٨٤ ـ الطبعة الأولى.
(٤) وسائل الشيعة ١٨ ـ ١٠٨ باب : ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث : ٤٠.