عما يقبل الرفع ، لأنه لأجل مراعاة الأحكام الواقعية ، وذلك يصحح رفع وجوب الاحتياط من قبل الشارع.
ولكن ذلك غير صحيح ، لأن ما كان كذلك انما يصح رفعه ووضعه برفع منشئه ووضعه لا برفعه ووضعه مباشرة. لعدم قابليته للرفع إلاّ بلحاظ رفع منشئه. والمفروض ان أدلة نفي الحرج لا تتكفل رفع الأحكام الواقعية لعدم العسر في متعلقاتها فيبقى وجوب الاحتياط على حاله.
هذا ، ولكن الّذي يرد على صاحب الكفاية : ان ما التزم به في مفاد هذه الأدلة له مجال في مثل : « لا ضرر » ونحوها مما كان بهذا التركيب ، ولكن نفي الحرج لم يرد بهذا اللسان أصلا ، وإنما ظاهر دليله مثل قوله تعالى : ( وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) (١) ان المرفوع نفي الحكم الحرجي ، فان : ( مِنْ حَرَجٍ ) راجعة إلى ما تعلق به الجعل ، فقد أخذ وصفا للمجعول وبيانا له. إذن ، فلو سلمنا لصاحب الكفاية مبناه في مثل دليل نفي الضرر فلا نسلمه في دليل نفي الحرج ، لاختلاف لسان الرفع فيهما ، فلا مجال لعطف أحدهما على الآخر. فالتفت.
هذا ، ولكن الالتزام بذلك لا ينفع في رفع وجوب الاحتياط بدليل نفى الحرج ـ وان قاله صاحب الكفاية على ما تقدم ـ ، وذلك لوجهين ذكرهما المحقق الأصفهاني :
الأول : ان العسر والحرج ليس في امتثال التكليف كي يكون التكليف مرفوعا لكونه سبباً للامتثال الحرجي ، وانما هو في تحصيل العلم بامتثال التكليف بالجمع بين محتملاته ، وهو ليس من مقتضيات التكليف ، وانما هو واجب عقلا من باب ان اشتغال الذّمّة اليقيني يستدعي فراغها اليقيني لوجوب دفع الضرر المحتمل.
__________________
(١) سورة الحج ، الآية : ٧٨.