عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ ) وجه الاستدلال بها واضح لظهورها في نفي الحرج فيما يجعله الله تعالى.
وتحقيق الكلام في ذلك : إن صدر الآية الكريمة قوله تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللهُ ) ، وهي بحسب ظاهرها تتكفل بيان جهتين : إحداهما سلبية ، وهي نفي وجوب الوضوء والغسل عند عدم وجدان الماء. والأخرى ثبوتية ، وهي إثبات وجوب التيمم في هذا الحال. والفقرة المستدل بها على القاعدة ذكرت بمنزلة قاعدة كلية أريد تطبيقها فيما نحن فيه. فمن المحتمل ـ بدوا ومع قطع النّظر عن صدر الآية وذيلها ـ ..
ان تكون مرتبطة بالجهة السلبية ، فتدل على نفي الحرج بقول مطلق وهو المدعي.
وأن تكون مرتبطة بالجهة الثبوتية ، فلا تدل على المدعى ، بل الّذي تدل عليه حينئذ ان ما جعلته عليكم من وجوب التيمم أو وجوب الوضوء والغسل ووجوب التيمم عند عدم وجدان الماء لم يكن الغرض منه والداعي له هو الإيقاع في الحرج ، بل الداعي له غاية أخرى شريفة تستدعي الجعل ولو استلزم الحرج. ومن الواضح أنها على هذا الوجه لا تدل على القاعدة بالمرة ، لأنها ليست في مقام نفي الحكم الحرجي ، بل في مقام تبرير جعل الأحكام الحرجية وأنه لغاية شريفة تدعو إلى ذلك.
والّذي نراه أن الآية الكريمة ترتبط بالجهة الثبوتية دون السلبية ـ لو سلم ظهورها في حد نفسها في ارتباطها بالجهة السلبية ـ ، وذلك لوجوه :