( وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )
ولا يخفى ان الصدر اشتمل على جهتين : سلبية ، وهي نفي وجوب الصوم عن المريض والمسافر. وإيجابية ، وهي إثبات وجوبه في عدة من أيام أخر.
وقوله : ( يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) يحتمل ارتباطه بجهة السلب ، فتكون دالة على القاعدة المدعاة وان كل حكم يستلزم العسر مرفوع. كما يحتمل ارتباطه بجهة الإيجاب ، وانها في مقام بيان انه لم يجعل عليكم الصوم في عدة من أيام أخر لأجل العسر ، ولكن الغاية أخرى شريفة ، ولعل الّذي يشهد لذلك ـ لو لم ندع ظهورها فيه بملاحظة الصدر ، وانه سبحانه في مقام تبرير جعل الصوم في أيام أخر وعلى عدم رفعه بالكلية ـ قوله : ( وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ ) ، فانه ظاهر في تعليل جعله في الأيام الأخر ، كما ان قوله : ( وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ ) انما يتناسب مع جعل الحكم وتشريعه لا مع سلبه ورفعه كما لا يخفى.
هذا ، مع ان رفع الصوم عن المسافر لا ينحصر بموارد الحرج في الصوم ، بل صريح النصوص الكثيرة (١) وما عليه الفقهاء ومذهب الشيعة هو أن الصوم مرفوع عن المسافر مطلقا استلزم الحرج أم لم يستلزم ، بل الأمر كذلك في المرض الرافع للصوم ، فانه لا يعتبر ان يكون الصوم حرجيا ، بل يكفي احتمال الضرر ولو لم يلتفت إليه الإنسان إلا بعد حين ، بحيث لا تكون مباشرة الصوم حرجية.
وهذا يتنافى مع تطبيق الآية على الجهة السلبية والحكم السلبي ، إذ هو أعم من الحرج ، ولو سلم نظر الآية إلى جهة السلب ، فذلك يكون قرينة على ان المراد بالآية بيان حكمة الرفع وهو العسر النوعيّ لا علته ، فلا يستفاد منها قاعدة كلية تفيد نفي الحكم الحرجي.
ولو تنزلنا عن جميع ذلك وقلنا بان الآية ناظرة إلى نفي الحكم الحرجي ،
__________________
(١) وسائل الشيعة ٧ ـ باب : ١ من أبواب من يصح منه الصوم.