مراد المولى ولو لم تكن ظاهرة فيه ، وبملاحظة وجود الخبر المقيد المحتمل للصدور لا يقين بان المراد الواقعي للمطلق على تقدير صدوره هو الإطلاق. فلا يجب الاحتياط إلا في غير موارد التقييد. وأما أكثر من ذلك ، فهو خارج عن أطراف العلم الإجمالي في ضمن الأخبار ، بل يمكننا ان ندعي عدم العلم بوجود حكم مطلق عند الشارع لكثرة التقييدات. ولا محذور فيه أصلا.
نعم ، قد يقال : إنه نعلم إجمالا بصدور بعض العمومات والمطلقات. ولا نعلم بصدور ما نجده مما نسبته إليها نسبة الخاصّ والمقيد إلى العام والمطلق وهذا يقتضي العمل بجميع العمومات والمطلقات ـ احتياطا ـ ، لأن العمومات الصادرة لا بد من العمل بها مع عدم ثبوت التخصيص للأصل ، فمع اشتباهها لا بد من العمل بجميع العمومات كي يعلم بالامتثال.
ولكنه يندفع : بأنا نعلم بان بعض المطلقات والعمومات الصادرة واقعا مقيد لا محالة وليست كلها مرادة بعمومها وإطلاقها.
وعليه ، فتسقط أصالة الإطلاق والعموم في جميعها للمعارضة ، فلا حجة على الحكم المطلق والعام.
وأما بالنسبة إلى ما هو ظاهر في الإلزام كالوجوب والحرمة ، فلا نستطيع أن ننفي العلم بإرادة الوجوب أو الحرمة من بعضها ، فانا نعلم بإرادة الوجوب أو الحرمة في بعض الاخبار ، ومقتضى ذلك الاحتياط في جميع ما هو ظاهر في الوجوب أو الحرمة ، لأن ما يقتضي الاستحباب والكراهية ليس بحجة شرعا كي ترفع اليد به عن الظهور في الوجوب والحرمة.
إلا انا نقول : ان هذا العلم الإجمالي بوجود الحكم الإلزامي في ضمن ظواهر الاخبار ينحل بما علم تفصيلا من الأحكام الإلزامية بواسطة الضرورة والتواتر والاطمئنان والسيرة القطعية والإجماعات ، بحيث لنا ان ندعي عدم العلم بوجوب أو حرمة غير ما علم وجوبه أو حرمته.