وقد تعرض إلى بعض ما أوردناه على المحقق النائيني بعض الأعاظم المحققين فراجع تقريرات بحثه (١).
ثم إنه قد يشكل شمول الحديث لموارد ترك الواجب من جهة أخرى ، وهي : ان ظاهر الحديث هو رفع الأثر الشرعي المترتب على معروض الإكراه ـ مثلا ـ دون غيره ، لما عرفت من ان المراد بالموصول الفعل الّذي يتعلق به الحكم أو يكون موضوعا له ، والإكراه على الترك لا يكون من الإكراه على موضوع الأثر ، إذ الوجوب متعلق بالفعل ، فلا أثر للترك كي يرتفع بالإكراه ، وما هو موضوع الأثر لم يعرض عليه الإكراه.
ولكنه يجاب بما حقق في مسألة الضد من : ان الأمر بالشيء عين النهي عن الضد العام له وهو الترك. بتقريب : ان البعث والتحريك الاعتباري كالبعث الخارجي ، فكما ان البعث الخارجي نحو شيء تكون له نسبتان : نسبة إلى الفعل المبعوث نحوه ، وهي نسبة القرب إليه. ونسبة إلى عدمه ، وهي نسبة البعد عنه.
كذلك البعث الاعتباري ، فان البعث نحو شيء اعتبارا كما ينسب إلى الفعل فيكون محركا إليه كذلك ينسب إلى عدمه فيكون زاجرا عنه. فنفس طلب الفعل ووجوبه ينهى عن الترك ويبعد المكلف عنه بالتقريب المذكور ، فيكون الترك موضوعا للأثر الشرعي لانتساب الحكم إليه بنسبة الزجر عنه.
ولو لا هذا البيان لأشكل الأمر في تعلق الإكراه بالمحرم أيضا بناء على ان الحرمة طلب الترك ـ كما قربناه ـ لا الزجر عن الفعل. فان الإكراه على الفعل لا يكون من الإكراه على متعلق الحكم ، إذ متعلقه هو الترك.
نعم ، لو كانت الحرمة هي الزجر عن الفعل كان الفعل بنفسه متعلقا للحكم.
__________________
(١) البروجردي الشيخ محمد تقي. نهاية الأفكار ٣ ـ ٢١٨ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.