الثاني : في دلالته على المدعى. ونتكلم فيه ..
تارة : على انه نصّ مستقل غير رواية مسعدة بن صدقة.
وأخرى : على أنه رواية مسعدة بن صدقة.
أما على الأول : فقد يستشكل ـ كما في تقريرات الكاظمي (١) ـ في شموله للشبهة الحكمية بملاحظة قوله : « بعينه » ، فانه ظاهر في كون الشك في تعيين الحرام ، وهو انما يكون في مورد ينقسم إلى قسمين حرام ، وغير حرام كاللحم المنقسم إلى الميتة والمذكى ، فيختص الحديث بالشبهة الموضوعية ، إذ لا معنى لمعرفة الحرمة بعينها.
ولكنه مخدوش : بأنه يمكن تعميم الحديث للشبهة الحكمية مع المحافظة على ظهور لفظ : « بعينه » كما في موارد العلم الإجمالي (٢) ، بدوران الحرمة المجعولة بين شيئين كحرمة الغيبة أو الغناء ، فانه يصدق على مثل ذلك بان كلا منهما حلال حتى يعرف الحرام بعينه ، مع كون الشبهة في كل منهما حكمية لا موضوعية. فالإشكال نشأ من تخيل لزوم رجوع لفظ : « بعينه » إلى الحرمة على تقدير إرادة الشبهة الحكمية ، وهو مما لا معنى له ، مع أنه غير لازم ، إذ يمكن إرجاعه إلى الحرام مع فرض الشبهة حكمية كما عرفت تصويره.
وأما ما ذكره صاحب الكفاية في مقام تعميم البراءة الثابتة بهذا الحديث للشبهة الوجوبية ، فهو ممنوع ..
أما الوجه الأول : فلأن عدم الفصل والإجماع المركب انما يؤخذ به لو كان
__________________
(١) الكاظمي الشيخ محمد علي. فوائد الأصول ٣ ـ ٣٦٤ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.
(٢) لا يلزم ان يفرض العلم الإجمالي منجزا كي يشكل بان الحديث مما يعلم بعدم شموله له ، وان موضوع الكلام هو موارد عدم العلم الإجمالي ، بل ينفع ما قلناه في موارد العلم الإجمالي غير المنجز كخروج بعض أطرافه عن محل الابتلاء أو لانحلاله حكما ـ كما هو أحد وجوه العلم الإجمالي الّذي ادعاه الأخباريون مستدلين به على الاحتياط ـ أو حقيقة. فلاحظ.