العقلاء عملا على قبح ذلك ، ووافقهم الشارع باعتبار أنه رأس العقلاء وكبيرهم.
الثاني : ان يراد من الحكم العقلي بالحسن والقبح هو ملائمة الشيء للقوة العاقلة منافرته لها ، إذ الإنسان يشتمل على قوى متعددة كالباصرة واللامسة ومنها القوة العاقلة ، فكما يكون لسائر القوى ملائمات ومنافرات ـ كملاءمة الناعم للقوة اللامسة ومنافرة الخشن لها ـ كذلك للقوة العاقلة ملائمات ومنافرات ، فما يلائم القوة العاقلة يكون حسنا وما ينافرها يكون قبيحا. فالإحسان للمريض المنقطع في البيداء المسالم الّذي يأمن ضرره يكون ملائما للقوة العاقلة وفي قباله إضراره وإيذاؤه بلا سبب موجب ، فانه مما يتنفر منه العاقل بما له من القوة العاقلة ، فيعد الأول حسنا والثاني قبيحا بهذه الملاحظة.
وعليه ، فمرجع قبح العقاب بلا بيان ـ على هذا المسلك ـ إلى منافرة العقاب بلا حجة للقوة العاقلة.
والفرق بين المسلكين هو : انه مع الشك في مصداقية شيء للظلم ، يكون المرجع على المسلك الأول هو العقلاء وينظر ما هو بناؤهم العملي فيرتفع الشك. وعلى المسلك الثاني ، فلا طريق إلى تشخيص ذلك غير وجدان الشخص ، والمفروض انه مشكك ، فيبقى الشك على حاله.
ولتكن على علم بان مرجع الأحكام العقلية ـ على كلا المسلكين ـ بقبح الأشياء وحسنها إلى حكمه بقبح الظلم وحسن العدل.
وبعد هذه المقدمة يقع الكلام في صحة العقاب على المخالفة عند الشك في التكليف.
أما المخالفة مع العلم ، فقد تقدم الكلام فيها في مباحث القطع. فراجع.
والكلام في المخالفة مع الشك في مقامات ثلاثة :
المقام الأول : في صحة مؤاخذة المولى العرفي عبده.
ولا يخفى ان العقاب لا يقبح ـ على كلا المسلكين ـ عند تحقق المخالفة