مع قطع النّظر عن الأمر ، وهو الانقياد ، ولو فرض استظهار الاستحباب منها كانت دالة على استحباب الاحتياط لا نفس العمل.
والوجه الموجب لدعوى ان الثواب مرتب على العمل المقيد بداعي احتمال الأمر لا ذات العمل ، هو ظهور الفاء في قوله : « فعمله » في كونه تفريعا على بلوغ الثواب ، وهو ظاهر في داعوية تحصيل الثواب لتحقق العمل.
وناقشه المحقق الأصفهاني رحمهالله : بان التفريع على قسمين :
أحدهما : تفريع المعلول على علته الغائية ، ومعناه هنا انبعاث العمل عن الثواب المحتمل.
والآخر : التفريع بمعنى ترتيب أحدهما على الآخر ، بلا ان يكون المرتّب عليه علة غائية للمرتّب نظير قول القائل : « سمع الأذان فبادر إلى المسجد » ، فان الداعي للمبادرة هو تحصيل فضيلة المبادرة لاستماع الأذان. وما نحن فيه قابل للحمل على ذلك بلحاظ ترتب العمل على بلوغ الثواب لتقوم العمل المترتب عليه الثواب ببلوغ الثواب.
وعليه ، فمجرد كون الفاء للتفريع لا يعيّن القسم الأول ، فلا وجه لاستظهار أخذ داعوية الثواب في موضوع ترتب الثواب (١).
وفيه : ان ما أفاده من تقسيم التفريع إلى قسمين متين ، لكن الّذي يظهر من مثل هذا التعبير هو كون الاندفاع نحو العمل لأجل تحصيل الثواب ، فالظاهر من التفريع هاهنا هو القسم الأول منهما.
والمثال المذكور لا يصلح نقضا لعدم تصور داعوية سماع الأذان للمبادرة ، إذ الداعي ما يكون بوجوده العيني مترتبا على العمل ، وبوجوده الذهني سابقا عليه ، وسماع الأذان لا يترتب خارجا على المبادرة.
__________________
(١) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ٢ ـ ٢٢١ ـ الطبعة الأولى.