مقام بيان تفضل الله سبحانه وتعالى على العباد وهو ، لا يلازم ثبوت الأمر عقلا ولا عرفا. فتدبر.
ولعله إلى ما ذكرنا أشار الشيخ قدسسره في رسائله في آخر كلامه : بان الاخبار المتكفلة لإثبات الثواب الخاصّ الّذي لا يحكم به العقل ، لأنه إنما يحكم بأصل الثواب ، انما تتكفله من باب التفضل ، وانه من قبيل قوله تعالى : ( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ) (١) ، في كونه في مقام تفضل الله سبحانه وتعالى. والآية الكريمة لو كانت وحدها أمكن دعوى كونها في مقام الترغيب في الحسنة ، لكنها مقترنة بقوله تعالى : ( وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلاَّ مِثْلَها ) (٢) ، وهو لا يتناسب مع كونه في مقام الترغيب ، لأن لازم كونه في مقام الترغيب في الحسنات كونه في مقام الترهيب في السيئات. والآية لا تتكفل الترهيب كما لا يخفى. وعليه فتحمل الآية على انه في مقام بيان تفضل الله سبحانه وتعالى في باب الحسنات وعدله في باب السيئات (٣).
وبعد أن عرفت ما ذكرناه ، تعرف أنه لا وجه لما أورده المحقق الأصفهاني على الشيخ : بان ثواب الله سبحانه مطلقا تفضل منه وإحسان ، إذ كونه تفضلا لا استحقاقا لا ربط له بما ذكرناه من وروده مورد بيان التفضل لا الترغيب في العمل.
كما ان ما أفاده قدسسره من ظهور النصوص في جعل الأمر لتكفلها ترتيب الثواب الخاصّ وهو مما لا يستقل العقل به إذا غاية ما يستقل به العقل هو أصل الثواب (٤). غير سديد ، فان الشيخ رحمهالله التفت إلى ذلك كما
__________________
(١) سورة الأنعام ، الآية : ١٦٠.
(٢) سورة الأنعام ، الآية : ١٦٠.
(٣) الأنصاري المحقق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٢٣٠ ـ الطبعة الأولى.
(٤) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ٢ ـ ٢٢٣ ـ الطبعة الأولى.