هذا المقام وعدم الانحراف عن أداء الحق المفروض عليه.
وعليه ، فتصدي العبد للمعصية مع عدم الوقوع فيها.
تارة : ينشأ عن استخفافه بالمولى وأمره وبقصد توهينه والاستهزاء به وعدم المبالاة بما يترتب عليه المعصية من عقاب.
وأخرى : لا ينشأ من ذلك ، بل مقام المولى محفوظ في نفسه وخوفه من عقابه موجود ولكنه يرجو مغفرة المولى لعلمه بأنه رحيم أو يرجو شفاعة من هو مقرب عند المولى في حقه.
ففي الأول : يصدق الظلم والهتك ، ولكنه لا من باب التجري ، بل من باب ان الاستخفاف والاستهزاء ونحو ذلك مبغوض للمولى ، فالإتيان به يكون معصية حقيقية فيكون ظلما لأنه خروج عن زي العبودية ومقتضى الرقية ، إذ مقتضاها إطاعة المولى في أوامره ونواهيه. فهذا النحو خارج عن محل الكلام.
واما في الثاني : فلا تصدق العناوين المتقدمة إذ تصديه لا يعد ظلما لأنه لم يثبت تحريمه ومطالبة المولى بعدمه كي يكون خروجا عن مقتضى العبودية ، كما انه لا يعد هتكا بعد ان كان تصديه برجاء المغفرة أو الشفاعة ، مع ان الهتك يتقوم بالإعلان بالعمل ، والمبحوث عنه أعم من صورتي الإعلان والإسرار. نعم لو صادق المعصية استحق العقاب لأنه خالف مولاه فيكون ظلما له.
وبالجملة : الرقية والعبودية انما تقتضي إطاعة المولى فيما يريده وعدم الخروج عن مرادات المولى ، والتصدي إلى الخروج مع عدم الخروج لا يعد خروجا فلا يكون ظلما.
ولو سلمنا ذلك ، يقع الكلام في تعدد العقاب لو صادف المتجري المعصية الحقيقية.
والّذي نراه قريبا : هو التداخل في موضوع العقاب وسببه ـ لا في المسبب كي يشكل بان التداخل في المسببات انما يثبت في المورد غير القابل للتعدد