موضع ضريحة ، وقضى أن يخلقه من التراب ، ويميته في التراب ، ويحشره على التراب ، فقبضوا من تربة نفسه الطاهرة قبضة طاهرة (١) لم يمش عليها قدم مشت إلى المعاصي ، فعرج بها الامين جبرئيل فغمسها في عين السلسبيل ، حتى نقيت كالدرة البيضاء ، فكانت تغمس كل يوم في نهر من أنهار الجنة ، وتعرض على الملائكة ، فتشرق أنوارها فتستقبلها الملائكة بالتحية والاكرام ، وكان يطوف بها جبرئيل في صفوف الملائكة ، فإذا نظروا إليها قالوا : إلهنا وسيدنا إن أمرتنا بالسجود سجدنا ، فقد اعترفت الملائكة بفضله (٢) وشرفه قبل خلق آدم عليهالسلام ، ولما خلق الله آدم عليهالسلام سمع في ظهره نشيشا (٣) كنشيش الطير ، وتسبيحا وتقديسا ، فقال آدم : يا رب وما هذا؟ فقال : يا آدم هذا تسبيح محمد العربي ، سيد الاولين والآخرين ، فالسعادة لمن تبعه وأطاعه ، والشقاء لمن خالفه (٤) ، فخذ يا آدم بعهدي ، ولا تودعه إلا الاصلاب الطاهرة من الرجال ، والارحام من النساء الطاهرات الطيبات العفيفات (٥) ، ثم قال آدم عليهالسلام : يا رب لقد زدتني بهذا المولود شرفا ونورا وبهاء ووقارا ، وكان نور رسول الله صلىاللهعليهوآله في غرة آدم كالشمس في دوران قبة الفلك ، أوكالقمرفي الليلة المظلمة ، ود أنارت منه السماوات والارض والسرادقات والعرش والكرسي ، وكان آدم عليهالسلام إذا أراد أن يغشى حواء أمرها أن تتطيب وتتطهر ، ويقول لها : الله يرزقك هذا النور ، ويخصك به ، فهو وديعة الله وميثاقه ، فلا يزال نور رسول الله صلىاللهعليهوآله في غرة آدم عليهالسلام.
فروي (٦) عن أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام قال : كان الله ولا شئ معه ، فأول
_________________
(١) في المصدر : فقبضوا القبضة من تربة نقية طاهرة.
(٢) في المصدر : وعرفت الملائكة فضله.
(٣) النشيش : الصوت.
(٤) في المصدر : والسعيد من تبعه وأطاعه ، والشفى من خالفه.
(٥) في المصدر : ولا تودعه الا في الاصلاب الطاهرة ، قال آدم : سمعت وأطعث وقبلت العهد والميثاق ، فلا أودعه إلا في الاصلاب الطاهرة من الرجال ، والارحام المطهرة الزكية من النساء الطاهرات الحافظات العفيفات ، فقال آدم عليهالسلام إه.
(٦) النسخة المخطوطة من المصدر خال عن قوله : فروى إلى ما يأتى بعد صفحات من قصة ميلاد شيث عليهالسلام ، فالحديث فيه هكذا : فلا يزال نور رسول الله صلىاللهعليهوآله في غرة آدم عليهالسلام حتى حملت حواء بشيت.