تزوج هاشم بن عبد مناف بسلمى بنت عمرو النجارية ودخل بها حملت بعبد المطلب جد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وانتقل النور الذي كان في وجهه إلى سلمى زادها حسنا وجمالا وبهجة وكمالا حتى شاع حسنها في الآفاق ، وكان يناديها الشجر (١) والحجر والمدر بالتحية والاكرام ، وتسمع قائلا يقول عن يمينها : السلام عليك يا خير البشر (٢) ، ولم تزل تحدث بما ترى حتى حذرها هاشم فكانت تكتم أمرها عن قومها حتى إذا كان ذات ليلة سمعت قائلا (٣) يقول :
لك البشر إن اوتيت أكرم من مشى |
|
وخير الناس من حضر وبادي |
وقال : لما سمعت ذلك لم تدع هاشما يلا مسها بعد ذلك (٤). قال : ثم إن هاشما أقام في المدينة أياما حتى اشتهر حمل سلمى ، فقال لها : يا سلمى (٥) إني أودعتك الوديعة التي أودعها الله تعالى آدم عليهالسلام ، وأودعها آدم عليهالسلام ، ولدها شيثا عليهالسلام ، ولم يزالوا
يتوارثونها من واحد إلى واحد إلى أن وصلت إلينا ، وشرفنا الله بهذا النور ، وقد أودعته إياك ، وها أنا آخذ عليك العهد والميثاق بأن تقيه وتحفظيه ، وإن أتيت به وأنا غائب عنك فليكن عندك بمنزلة الحدقة من العين ، والروح بين الجنبين ، وإن قدرت على أن لا تراه العيون فافعلي ، فإن له حسادا وأضدادا ، وأشد الناس عليه اليهود ، وقد رأيت ما جرى بيننا وبينهم يوم خطبتك ، وإن لم أرجع من سفري هذا او سمعت أني قد هلكت فليكن عندك محفوظا مكرما إلى أن يترعرع (٦) ، واحمليه إلى الحرم إلى عمومته في دار عزؤه ونصرته ، ثم قال لها : اسمعي واحفظي ما قلت لك ، قالت : نعم قد سمعت وأطعت ولقد أوجعتني
_________________
(١) في المصدر : حتى كان الناس يتعجبون من حسنها وجمالها ، وشاع حسن سلمى في جميع الافاق ، قال : ( وكانت إذا مشت يناديها الشجر ).
(٢) في المصدر : يا خير نساء البشر.
(٣) في المصدر : وهى نائمة اذ سمعت قائلا.
(٤) هكذا في النسخ ، وهو كلام الهاتف ولعل يلا مسها مصحف تلامسك. وفي المصدر : فلما سمعت ذلك قالت : لم أدع هاشما يلا مسنى ولا يقربنى بعد ذلك.
(٥) في المصدر : ثم انه عزم على الخروج إلى غزة الشام وأوصى زوجته وقال : يا سلمي.
(٦) ترعوع الصبى ، ونشأ وشب.