للناس فضله ، وكان يحمل الشئ الثقيل ، ويأخذ الصبي ويصرعه ، فلم يشكوه إلى امه وكان يهشم عظامهم.
قال أبوالحسن البكري : بلغنا أن رجلا من بني الحارث دخل يثرب في حاجة (١) فإذا هو بابن هاشم يلعب من الصبيان قد غمرهم بنوره ، فوقف الرجل ينظر (٢) إلى الصبي وهو يقول : ما أسعد من أنت في ديارهم ساكن؟ وكان يلعب وهو يقول : أنا ابن زمزم والصفا ، أنا ابن هاشم وكفى ، قال : فناداه الرجل : يا فتى ، فأجاب وقال : ما تريد يا عم؟ قال : ما اسمك؟ قال : شيبة بن هاشم بن عبدمناف ، مات أبي وجفوني عمومتي ، وبقيت مع امسي وأخوالي ، فمن أين أقبلت يا عم؟ قال : من مكة ، قال : وهل أنت متحمل لي رسالة (٣) ومتقلد لي أمانة؟ قال الحارث : وحق ابي وأبيك إني فاعل ما تأمرني به ، قال : يا عم إذا رجعت إلى بلدك سالما ورأيت بني عبد مناف فاقرءهم مني السلام وقل لهم : إن معي رسالة غلام يتيم ، مات أبوه ، وجفوه عمومته ، يا بني عبد مناف ما أسرع ما نسيتم وصيته هاشم ، وضيعتم نسله ، وإذا هبت الريح تحمل روائحكم إلي ، قال : فبكى الرجل واستوى على مطيته وأرسل زمامها (٤) حتى قدم مكة ، فلم يكن له همة إلا رسالة الغلام ، ثم أتى مجلس بني عبد مناف فوجدهم جلوسا فأنعهم صباحا ، وقال : يا أهل الفضل والاشراف ، يا بني عبد مناف ، أراكم قد غفلتم عن عزكم وتركتم مصباحكم يستضئ به غيركم ، قالوا : وما ذلك؟ فأخبرهم بوصية ابن أخيهم ، فقالوا : وأيم الله ما ظننا أنه صار إلى هذا الامر ، فقال لهم الحارث : وإنه (٥) ليعجز الفصحاء عن فصاته ، ويعجز اللبيب عن خطابه (٦) ، وإنه لفصيح اللسان ، جري الجنان ، يتحير في كلامه اللبيب ، فائق على العلماء ، عاقل أديب ، إلى عقله الكفاية ، وإلى جماله النهاية ، فقال عمه المطلب بن عبد مناف : شعرا :
_________________
(١) في حاجة له خ ل.
(٢) يناظر إلى الصى خ ل.
(٣) متحمل منى رسالة خ ل.
(٤) في المصدر : وأرخى زمامها.
(٥) في المصدر : والله أنه ليعجز.
(٦) في المصدر : عن خطابته.