ألم تعلموا أن هؤلاء معدن السحر؟ قالوا : بلى ، قال : يا بني إسرائيل يا امة الكليم قد سحركم هذا الغلام وعمه فدعونا نترجل ، فاتبعوهم من ورائهم شاهرين سيوفهم وقصدوا شيبة ، فلما قربوا قال المطلب : الآن قد ققت الحقائق (١) ، وأخذ المطلب قوسه وجعل فيه سهما ورمى (٢) بها اليهود فقتل بها عبد لاطية ، فأتاه سيده وقدمات ، و قد أخذ اخرى ورمى بها فأصابت رجلا آخر فقتله ، فصاحوا بأجمعهم وهموا بالرجوع ، فقال لهم لاطية : عار عليكم الرجوع عن اثنين ، فإلى متى يصيبون منا بنبلهم؟ فلا بد أن يفرغ نبلهم ونقتلهم ، ولم يكن (٣) في القوم أشجع منه ، وكان من يهود خيبر ، فعند ذلك حملوا عليهما حملة رجل واحد ، وجاء لاطية إلى المطلب وقال : قف لي اكمك بما فيه المصلحة ونرجع (٤) عنكم ، قال شيبة : يا عم إن القوم قد عزموا علينا ، فقال المطلب : يا معاشر اليهود ليس فيكم شفيق ولا حبيب ، والمقام له بين عمومته خير له فانصرفوا راجعين ، فقال لهم لاطية : كيف يرجع هذا الجمع خائبا ونحن قد خرجنا ومرادنا أن نرده إلى أمه؟
_________________
(١) في المصدر : قد سحرنا هذا الغلام وعمه ، وقد سحروا خيلنا ، وان هذه المصيبة الكبرى أن يرجع هذا الجمع العظيم خائبين وهم اثنين ، قال : فلما علموا اليهود أن خيلهم لا تقدر على الوصول اليهم نزلوا عن خيلهم وجردوا سيوفهم ، ومشوا اليهم على أقدامهم ، فلما قربوا من شيبة وعمه قال المطلب : الان حق الحقائق ، وزالت العوائق.
(٢) في المصدر زيادة : وكان قوس اسماعيل عليهالسلام. وأتبعة المصنف في الهامش عن نسخة. وفي المصدر : وأخذ نبلة وجعلها في كبد القوس ورمى.
(٣) في المصدر : وجذب النبلة منه فأخرجها مع روحهه ، فبينا هم متحيرين في أمرها هم فرماهم بآخر فاصاب رجل منهم في جبهته ، فخرجت النبلة من قفاه ، فجاء اليهود اليله فوجدوه ميتا فصاحوا بأجمعهم وهموا بالرجوع ، فقال لهم ابن دحية : هيهات قد كان رجوعكم ما كان بعد قتل هؤلاء عار عليكم ، فقالوا : أيها السيد الكريم وما تراه من الحلية؟ قال : وكم يكون النبل؟ فعسى أن يكون عشرة فيصيب بها عشرة منا ، وليس كلها تصيب وتقتل ، فاذا ظفرنا بهم قتلناه وقتلنا عمه ، فعار علينا أن نتركهما وهما اثنان ونحن سبعون فارسا ، قال : فحرصهم على القتال ، ولم يكن اه ، قلت : الظاهر أن كلمة ابن زائدة وصوابة دحية ، لان ابنه كما تقدم قبلا لم يبلغ مبلغ الرجال.
(٤) في المصدر : فعند ذلك أخذوا سيفوفهم ودرقهم وهموا أن يأخذ واشيبة وعمه المطلب ، يقدمهم لاطية بن دحية ، ثم انه زعق بهم وقال : يا بن هاشم قف لى حتى اعلمك ما يكون فيه المصلحة بيننا وبيننا وبينكم ونرجع إلى أماكننا.