أجمعين ، ولم أر عندي أحدا من خلقه ، فتركني ماشاء الله ثم رد علي روحي فأفقت فكان توفيقا من ربي عزوجل أن غمضت عيني وكل بصري وغشي (١) عن النظر ، فجعلت أبصر بقلبي كما أبصر بعيني بل أبعد وأبلغ ، فذلك قوله عزوجل : « مازاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى (٢) » وإنما كنت أرى في مثل مخيط الابرة ونور بين يدي ربي لا تطيقه الابصار.
فناداني ربي عزوجل فقال تبارك وتعالى : يا محمد! قلت : لبيك ربي وسيدي وإلهي لبيك ، قال : هل عرفت قدرك عندي ومنزلتك وموضعك؟ قلت : نعم يا سيدي ، قال : يا محمد هل عرفت موقفك مني وموضع ذريتك؟ قلت : نعم يا سيدي ، قال : فهل تعلم يا محمد فيما اختصم الملا الاعلى؟ فقلت : يا رب أنت أعلم وأحكم وأنت علام الغيوب ، قال : اختصموا في الدرجات والحسنات فهل تدري ما الدرجات والحسنات؟ قلت : أنت أعلم يا سيدي وأحكم ، قال : إسباغ الوضوء في المكروهات (٣) ، والمشي على الاقدام إلى الجمعات معك ومع الائمة من ولدك ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، وإفشاء السلام ، وإطعام الطعام ، والتهجد بالليل والناس نيام ، قال : « آمن الرسول بما انزل إليه من ربه » قلت : نعم يارب « والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ولا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ».
قال : صدقت يا محمد « لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت » وأغفر لهم ، وقلت (٤) : « ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا » إلى آخر السورة ، قال : ذلك لك ولذريتك يا محمد ، قلت : ربي وسيدي وإلهي ، قال : أسألك عما أنا
____________________
(١) في المصدر : وغشينى.
(٢) سورة النجم : ١٧ و ١٨.
(٣) كذا في النسخ والمصدر وهو سهو ، والصحيح « المفروضات » او « المكتوبات ».
(٤) في المصدر : فقلت.