والحجاج ، وذلك أن النص لا يعقل من ظاهر هذا الكلام ولا من فحواه على معقول أهل اللسان ، ولا من تأويله على شئ من اللغات ، ولا فصل بين من ادعى أن الامامة تعقل من هذا اللفظ وأن النص بها يستفاد منه وبين من زعم أن النبوة تعقل منه وتستفاد من معناه ، إذ تعريه من الامرين جميعا على حد واحد.
فإن قال منهم قائل : إن أمير المؤمنين عليهالسلام لما كان إماما وقال لابنه محمد : « أنت ابني حقا » دل ذلك (١) على أنه إنما شبهه به في الامامة لا غير وكان (٢) هذا القول منه تنبيها على استخلافه له على حسب ما رتبناه ، قيل له : لم زعمت (٣) أنه لما أضافه إلى نفسه وشبهه بها دل على أنه أراد التشبيه له بنفسه في الامامة دون غير هذه الصفة من صفاته عليهالسلام وما أنكرت (٤) أنه أراد تشبيهه به في الصورة دون ما ذكرت؟ فإن قال : إنه لم يجر في تلك الحال (٥) ذكر الصورة ولا ما يقتضي (٦) أن يكون أراد تشبيهه به فيها بالاضافة التي ذكرها ، فكيف يجوز حمل كلامه على ذلك؟ قيل له : وكذلك لم يجر في تلك الحال للامامة ذكر فيكون إضافته له إلى نفسه (٧) بالذكر دليلا على أنه أراد تشبيهه به فيها (٨).
على أن لكلامه عليهالسلام معنى معقولا لا يذهب عنه (٩) منصف ، وذلك أن محمدا لما حمل الراية ثم صبر حتى كشف أهل البصرة فأبان من شجاعته وبأسه ونجدته ما كان مستورا سر بذلك أمير المؤمنين عليهالسلام فأحب أن يعظمه (١٠) ويمدحه على فعله فقال له : « أنت ابني حقا » يريد عليهالسلام به أنك أشبهتني في الشجاعة والبأس والنجدة (١١) ، وقيل
____________________
(١) في المصدر : دل ذلك.
(٢) في المصدر : فكان.
(٣) في المصدر : على حسب ما بيناه ، قيل لهم : لم زعمتم اه.
(٤) اى : لم أنكرت ، وكذا فيما سيأتى ( ب ).
(٥) في المصدر : في تلك الحالة.
(٦) اى ولم يجر في المقام ما يقتضى. وفى المصدر : ولا يقتضى.
(٧) في المصدر : فتكون اضافته إلى نفسه.
(٨) اى في الامامة.
(٩) أى لا يعرض عنه.
(١٠) في المصدر : ان يعظمه بذلك.
(١١) النجدة : الشجاعة. الشدة والبأس.