ومن معه وهو يقول : « أيحسب الانسان أن يترك سدى * ألم يك نطفة من مني يمنى * ثم كان علقة فخلق فسوى » ودموعه تجري على خديه قال : فأخمش (١) القوم لبكائه ، ثم سكت فسكتوا ، وسأله عمر عن مسألته فأصدر لها جوابا ، فقال : أم والله يا أبا الحسن لقد أرادك الله للحق ولكن أبى قومك! فقال له أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام : يا أبا حفص عليك من هنا ومن هنا « إن يوم الفصل كان ميقاتا » قال : فضرب عمر بإحدى يديه على الاخرى وخرج مربد اللون (٢) كأنما ينظر في سواد. وهذا الحديث من كتاب إعلام النبوة في القائمة الاولى (٣).
١٣ ـ كشف : من كتاب اليواقيت لابي عمر الزاهد قال : أخبرني بعض الثقات عن رجاله قالوا : دخل أحمد بن حنبل إلى الكوفة وكان فيها رجل يظهر الامامة فسأل الرجل عن أحمد ماله لا يقصدني؟ فقالوا له : إن أحمد ليس يعتقد ما تظهر فلا يأتيك إلا أن تسكت عن إظهار مقالتك (٤) ، قال : فقال : لابد من إظهاري له ديني ولغيره ، وامتنع أحمد من المجيئ إليه ، فلما عزم على الخروج من الكوفة قالت له الشيعة : يا أبا عبدالله أتخرج من الكوفة ولم تكتب عن هذا الرجل؟ فقال : ما أصنع به؟ لوسكت عن إعلانه بذلك كتبت عنه ، فقالوا : ما نحب أن يفوتك مثله ، فأعطاهم موعدا على أن يتقدموا إلى الشيخ أن يكتم ما هو فيه ، وجاؤوا من فورهم إلى المحدث وليس أحمد معهم ، فقالوا : إن أحمد أعلم بغداد (٥) ، فإن خرج ولم يكتب عنك فلا بد أن يسأله أهل بغداد لم لم تكتب عن فلان؟ فتشهر ببغداد وتلعن (٦) وقد جئناك نطلب حاجة ، قال : هي مقضية ، فأخذوا منه موعدا وجاؤوا إلى أحمد وقالوا : قد كفيناك قم معنا ، فقام فدخلوا على الشيخ فرحب بأحمد ورفع مجلسه وحدثه ما سأل فيه أحمد من الحديث ، فلما فرغ أحمد
____________________
(١) خمش الوجه : خدشه ولطمه.
(٢) اربد لونه : صار متغيرا وتعبس.
(٣) الفضائل : ١٤٣. الروضة : ٢١.
(٤) في المصدر : عن اظهار مقالتك له.
(٥) في المصدر : عالم بغداد.
(٦) في المصدر : وتكفر.