مشكوك الحكم ، وذلك نظير ما لو أُخذ الإنسان موضوعاً لحكم فإنّه وإن كان شاملاً للانسان العالم وغيره ، إلاّ أنه لا مدخلية لكونه عالماً في ذلك الحكم ، بل يكون دخوله في ذلك الحكم بعنوان كونه إنساناً لا بعنوان كونه عالماً.
والحاصل : أنّ دعوى كون مثل « كلّ شيء طاهر حتّى تعلم أنّه قذر » (١) مسوقاً لبيان الحكم الواقعي والظاهري يأباه الموضوع وهو « كلّ شيء » ، والمحمول وهو « طاهر » ، وأداة الغاية وهي لفظ « حتّى » ، ونفس الغاية وهو ما بعد حتّى.
أمّا الأوّل ، فقد عرفت الوجه فيه.
وأمّا الثاني فلعدم إمكان الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري في لفظ « طاهر » ، لأنّ الطهارة الظاهرية متأخّرة رتبة عن الواقعية ، لأخذ الشكّ بالطهارة الواقعية موضوعاً للطهارة الظاهرية ، فتكون الثانية متأخّرة في مقام اللحاظ عن الأُولى ، فكيف يعقل أن يجمعهما لفظ واحد.
وأمّا الثالث ، فلأنّ لفظ « حتّى » تكون قيداً للموضوع في الطهارة الواقعية وللحكم في الطهارة الظاهرية ، كذا أُفيد. وفيه تأمّل ، لإمكان كونها غاية للحكم أو للموضوع في كلّ من الطهارتين.
وأمّا الرابع ، فلأنّ الغاية في الطهارة الواقعية هو نفس القذارة لا العلم بها ، فلا يكون العلم مأخوذاً في ذلك إلاّبنحو الطريقية والكاشفية الصرفة ، بمعنى أنّه لا دخل له ولا وجه لذكره إلاّلكونه كاشفاً عمّا هو الغاية الحقيقية ، وفي الطهارة الظاهرية يكون للعلم الكاشف عن القذارة مدخلية في ارتفاع الطهارة الظاهرية ، فيكون العلم بالقذارة هو الغاية الحقيقية ، وحيث إنّ الثاني هو الظاهر ، يتعيّن
__________________
(١) وسائل الشيعة ٣ : ٤٦٧ / أبواب النجاسات ب ٣٧ ح ٤ وفيه : « كلّ شيء نظيف ... ».