وجوب الانفاق تكون من قبيل موضوع الحكم بالنسبة إلى نفس الحكم ، وهذا النحو من الأحكام هي محلّ الكلام مع الشيخ قدسسره ، فينبغي النظر في أنّ مثل الملكية وحرمة التصرّف والزوجية وجواز الوطء ونحو ذلك من الأحكام الوضعية بالقياس إلى التكاليف الموجودة في مواردها ، هل الموضوع هو نفس الحكم الوضعي وحكمه هو ذلك الحكم التكليفي ، ليكون المجعول أوّلاً هو الحكم الوضعي ، أو أنّ الموضوع هو الحكم التكليفي ويكون حكمه هو ذلك الحكم الوضعي ، ليكون المجعول أوّلاً هو الحكم التكليفي ويكون المجعول ثانياً هو الحكم الوضعي ، بحيث إنّ الشارع عند إيجاد المكلّف عقد الزوجية يجعل جواز الوطء ووجوب الإنفاق ، وبعد جعله ذلك الحكم التكليفي يجعل الزوجية لمن جاز وطئها ووجب الإنفاق عليها ، فكأنّ ذلك العقد لا معنى له أصلاً سوى أنّه سبب لأن يتوجّه إليه جواز الوطء ووجوب الإنفاق ، وبعد أن يتوجّه إليه ذلك التكليف ، يجعله الشارع زوجاً ويجعل تلك المرأة زوجة له.
والظاهر بل المتعيّن هو الأوّل ، ولكن بأيّهما قلنا لا يكون أحدهما مجعولاً والآخر منتزعاً ، بل يكون كلّ منهما مجعولاً استقلالياً ، غير أنّ نسبة أحدهما إلى الآخر كنسبة الموضوع إلى الحكم ، وإنّما وقع هذا النزاع الخيالي في أنّ أيّهما هو الموضوع للآخر ، والمتعيّن هو كون الحكم الوضعي هو الموضوع والتكليفي هو الحكم.
ومن ذلك يتّضح لك أنّ ما نسب إلى الشيخ قدسسره من كون الحكم الوضعي في مثل هذه الأحكام منتزعاً من الحكم التكليفي الموجود في مواردها لا محصّل له.
كما أنّ ما يظهر من شيخنا قدسسره من أنّ الأمر بالعكس ، وأنّ الحكم الوضعي هو المجعول ، وأنّ الحكم التكليفي منتزع منه ، وذلك قوله : فالتحقيق أنّ الاعتباريات