العرفية ليست من المنتزعات ، بل هي متأصّلة بالجعل قد أمضاها الشارع والتكليف إنّما ينتزع منها الخ (١) ، لا يخلو عن تأمّل ، اللهمّ إلاّ أن يريد بالمنتزع ما يكون مجعولاً ثانياً وإن كان متأصّلاً بالجعل ، وإلاّ فبعد أن كان الحكم الوضعي موجوداً لدى العقلاء وأنّ الشارع قد أمضاه ، كيف يمكن القول بأنّ ذلك الحكم الشرعي التكليفي المجعول في مورده يكون منتزعاً صرفاً على حذو الجزئية المنتزعة من التكليف بالكل.
نعم ، إنّ هذه الجملة وهي كون الحكم التكليفي منتزعاً من الحكم الوضعي ليست موجودة في تحرير السيّد سلّمه الله ، بل اقتصر فيه على مجرّد أنّ الحكم الوضعي مجعول ، وأنّه لا داعي إلى الالتزام بكونه منتزعاً من الحكم التكليفي فراجعه في أواخر ص ٣٨٢ وأوائل ص ٣٨٣ (٢) ، كما أنّها غير موجودة في تحريراتي عنه قدسسره.
كما أنّ قوله قبيل هذه العبارة : والذي يدلّ على ذلك هو أنّ مثل هذه الاعتباريات متداولة عند من لم يلتزم بشرع وشريعة كالدهري والطبيعي ، مع أنّه ليس عنده إلزام وتكليف يصحّ انتزاع هذه الأُمور منه (٣) لا يخلو عن تأمّل ، لما تقدّمت الاشارة إليه من أنّ العرف والعقلاء لديهم تكاليف ، وإن لم يكونوا متديّنين بدين ، فهم يحكمون بأنّ للزوج أن يطأ زوجته بخلاف الأجنبية ، ويرون أنّ عليه الإنفاق عليها ، وأنّ من ملك شيئاً يجوز له بحسب قوانينهم العقلائية أن يتصرّف فيه ولا يجوز لغيره أن يتصرّف. نعم هناك قوانين وأحكام مخالفة للشرع
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٣٨٨.
(٢) أجود التقريرات ٤ : ٧٤ ـ ٧٥.
(٣) فوائد الأُصول ٤ : ٣٨٧.