أو مخالفة للقوانين العقلائية الأُخرى في الوضعيات وفيما يجوز وما لا يجوز ، حتّى أنّ الإباحيين لهم حدود وقوانين وضعية ونواميس يجرون عليها فيما يجوز من الأفعال وما لا يجوز.
وبالجملة : أنّ هذا السنخ من الوضعيات موجود لدى العقلاء وإن لم يكونوا أصحاب شريعة ، ولهذا السنخ عندهم جهات تكليفية ، ولكن ليس الأوّل عندهم منتزعاً من الثاني ، بل ولا أنّ الثاني عندهم منتزع من الأوّل ، بل كلّ منهما معتبر عندهم في نفسه استقلالاً ، غير أنّ الأوّل منهما بالنسبة إلى الثاني عندهم من قبيل موضوع الحكم بالنسبة إلى الحكم دون العكس. وقس على ذلك حال الطاهر والنجس ، فإنّ عندهم ما هو نقي وما هو قذر ، ويجوّزون مباشرة الأوّل ويمنعون من مباشرة الثاني ، ويرون أنّ الطهارة والقذارة بالنسبة إلى جواز المباشرة والمنع منها من قبيل الموضوع بالنسبة إلى الحكم ، وليس مرادنا من المنع الذي ننسبه إليهم هو ما يستحقّ عليه العقاب الأُخروي ، بل مرادنا هو عبارة عن زجر بعضهم بعضاً عن الارتكاب زجراً عقلائياً ، وربما كان في البين عقاب لكنّه دنيوي حسبما يجعلونه من الجزاء للجرائم التي يكون في البين قانون دولي أو عشائري يمنع من ارتكابها.
والخلاصة : أنّ الذي يظهر من هذه العبارة وممّا تقدّم في صدر هذا الأمر الرابع هو أنّ العقلاء ليس لديهم تكاليف فيما بينهم ، وأنّ كلّ ما عندهم هو من سنخ الوضعيات ، وقد عرفت التأمّل في ذلك. كما أنّه يظهر من صدر هذا الأمر الرابع حصر المجعولات الشرعية بالتأسيسية وهي التكاليف والامضائية وهي الوضعيات ، وصرّح بذلك السيّد سلّمه الله في تحريره بقوله : ولم نعثر على حكم