ولا بالتبع ، سواء كانت مضافة إلى سبب الوضع ، كالعقد المؤلّف من إيجاب وقبول والمشروط فيه العربية مثلاً المعتبر فيه عدم الربا ، أو كانت مضافة إلى شرط التكليف ، كما إذا فرض أنّ وجوب إكرام زيد كان مشروطاً بالمركّب من مجيء عمرو ومجيء خالد معه وأن لا يكون معهما بكر مثلاً ، أو كانت مضافة إلى متعلّق التكليف كما في التكليف بالصلاة المركّبة من أجزاء وشرائط وفقد موانع ، فإنّ الجزئية والشرطية والمانعية في هذه الأقسام الثلاثة لا تكون مجعولة لا أصالة ولا تبعاً ، بل تكون منتزعة ، ففي القسمين الأوّلين تكون منتزعة من ترتّب التكليف أو الوضع على ذلك الموضوع المؤلّف من الأجزاء والشرائط وفقد الموانع.
بيان ذلك : أنّا قد بيّنا في العلّة التكوينية المؤلّفة من أجزاء وشرائط وفقد موانع أنّه لا يكون لجزئية تلك الأجزاء وشرطية تلك الشروط ومانعية تلك الموانع ما بحذاء في الخارج وعالم التكوين ، إذ ليس الموجود في ذلك العالم إلاّ تأثير المقتضي الذي هو النار مثلاً في المعلول الذي هو الاحتراق مع قرب النار من الحطب وعدم المانع من التأثير ، فلا يكون اقتضاء المقتضي ولا شرطية الشرط المذكور ولا مانعية المانع المذكور إلاّ أُموراً انتزاعية منتزعة من ذلك التأثير بالكيفية الخاصّة ، نظير انتزاع صفة التقدّم والتأخّر من اتّصاف الشيء بكونه موجوداً في هذا المكان أو في هذا الزمان.
وإذا تحقّق أنّ الجزئية والشرطية والمانعية بالاضافة إلى العلل التكوينية ليست مجعولة في عالم التكوين ، بل هي منتزعة من تكوين العلّة والمعلول ، لعدم ما بازاء لها في عالم التكوين ، نقول : إنّ الشرطية والجزئية والمانعية في عالم التشريع لمّا لم يكن لها ما بازاء في عالم التشريع ، لا تكون إلاّ أُموراً منتزعة عمّا هو المجعول الذي يكون له ما بحذاء في عالم الجعل والتشريع ، وهو ما رتّب