سببية الافطار العمدي لوجوب الكفّارة وهكذا.
وبالجملة : الأولى في باب الجزئية والشرطية والمانعية تثليث الأقسام ، فإنّ الجزء إمّا أن يكون جزء المكلّف به ، أو يكون جزء موضوع التكليف ، أو يكون جزء السبب في الوضعيات ، وهكذا الحال في الشرط والمانع ، لكن هذه الأقسام كلّها منتزعة من جعل التكليف أو الوضع.
قوله : فإنّ هذه الأُمور كلّها انتزاعية لا تنالها يد الجعل التأسيسي والامضائي ، لا استقلالاً كجعل وجوب ذي المقدّمة ، ولا تبعاً كجعل وجوب المقدّمة ... الخ (١).
قد حرّرت في هذا المقام عنه قدسسره ما حاصله : أنّه لم يعلم ماذا أراد القائلون بكون هذه الأُمور ـ أعني الجزئية والشرطية والمانعية ـ مجعولة ، فهل المقصود أنّها مجعولة ابتداءً في عرض جعل ما رتّب عليها من وضع أو تكليف ، فهما من قبيل الوجوبين المتعلّقين بالمتلازمين ، كاستقبال القبلة واستدبار الجدي في كون وجوب كلّ منهما مجعولاً بجعل مستقل وارد على القدر المشترك بينهما ، لأنّ جعل الوجوب وارداً على كلّ واحد منهما مستقلاً يوجب كون المجعول ابتداءً هو ما يبدأ به ، ويكون الآخر مجعولاً بالتبع. ومنه يظهر أنّ مثل هذين الوجوبين يمكن أن يجعلا معاً بجعل واحد وارد على القدر المشترك ، ويمكن جعل أحدهما ابتداءً وصيرورة الآخر مجعولاً بالتبع قهراً.
أو أنّ مرادهم أنّ هذه الأُمور هي المجعولة ابتداءً ويكون ما يلحقها من وضع أو تكليف مجعولاً قهراً بالتبع ، أو أنّ الأمر بالعكس.
وعلى كلّ حال ، فإنّ المختار لنا هو أنّ هذه الأُمور غير مجعولة لا بالأصالة
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٣٩٢ ـ ٣٩٣.