التكليفية في مورده دون [ العكس ].
وربما كان ذلك الحكم الوضعي موضوعاً لحكم وضعي آخر كما عرفت من ملكية أحد العمودين في كونها موضوعاً للانعتاق ، فلو قلنا مثلاً بأنّ مجرّد الملكية لا توجب الانعتاق ، بل اعتبرنا فيه كون المملوك مسلماً مثلاً ، أو كون المالك غير مديون ، أو كون ذلك بعد أداء الثمن الذي اشتراه به ، كان ذلك مثالاً للثاني الذي ذكره ، أعني ما يكون من الجزئية والشرطية منتزعاً من جعل الحكم الوضعي ، فإنّه أولى من المثال بأجزاء العقد وشرائطه ، لما عرفت من أنّ العقد آلة لايجاد ذلك الأمر الاعتباري الذي هو الملكية ، لا أنّه موضوع أو شرط أو سبب لذلك الأمر الاعتباري. ولكن مع ذلك لا يخلو المثال بالعقد وأجزائه وشرائطه من المناسبة ، فإنّ جزئية الايجاب مثلاً وشرطية ماضويته وعدم التعليق فيه أيضاً منتزعة من اعتبار الملكية عند إيجادها بتلك الآلة. والحاصل : أنّ أجزاء العقد وشرائطه من الانتزاعيات ، لكن ليست أجزاء السبب للملكية ولا أجزاء موضوع الملكية ، بل هي أجزاء آلة إيجاد الملكية.
قوله : سواء كان منشأ الانتزاع تكليفاً أو وضعاً ، فالأوّل كالتكليف بعدّة من الأُمور ... الخ (١).
لا يخفى أنّ الجزئية والشرطية والمانعية في باب التكاليف لا تنحصر في جزء المكلّف به أو شرطه أو مانعه ، بل تجري في جزء موضوع التكليف أو شرطه أو مانعه ، لكن هذه في الحقيقة أجزاء وشرائط وموانع للسبب ، غايته أنّ السبب تارة يكون سبباً لأمر وضعي وأُخرى لأمر تكليفي ، كما في مثل سببية الدلوك للوجوب المتعلّق بالصلاة ، أو سببية السفر بشروطه للزوم القصر ، أو
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٣٩٣.