العقلي لا يعقل أن يختلف مع ذلك الحكم العقلي سعة وضيقاً ، فإذا كان الحكم العقلي بقبح الكذب دائراً مدار كونه مضرّاً ، كان الحكم الشرعي المستكشف به أيضاً كذلك.
قوله : أمّا أوّلاً : فلأنّ دعوى كون كلّ خصوصية أخذها العقل في موضوع حكمه لابدّ وأن يكون لها دخل في مناط حكمه واقعاً ممنوعة ، بداهة أنّه ربما لا يدرك العقل دخل الخصوصية في مناط الحسن والقبح واقعاً ، وإنّما أخذها ... الخ (١).
هذا الإيراد وما بعده نقلهما شيخنا قدسسره عن أُستاذه العلاّمة الشيرازي قدسسره. ويمكن التأمّل فيه ، فإنّ العقل بعد أن كان هو الحاكم كيف يمكن أن نتصوّر أنّه يشكّ في مدخلية القيد الفلاني في حكمه ، سيّما بعد القول بأنّه لا معنى للأحكام العقلية إلاّ الملائمة والتنفّر ، وهل يعقل أن يتنفّر العقل من الكذب الضارّ ويتنزّه منه ولا يعرف أنّ تنفّره كان من أجل ذات الكذب ، أو أنّه كان من أجل كونه مضرّاً وهل لدى العقل أحكام عقلية واقعية كما يكون لدينا من جانب الشارع أحكام واقعية ، وهل واقع الحكم العقلي عند العقل إلاّما يحكم هو به ، بحيث يكون العقل يحتمل أنّ للضرر دخلاً في ذلك الحكم العقلي الواقعي المفروض أنّه لا يحكم به إلاّهو. هذه جهات لم أتوفّق لفهمها والتصديق بها.
قوله : وثانياً : سلّمنا أنّ كلّ خصوصية أخذها العقل في موضوع حكمه لها دخل في مناط الحكم بنظر العقل ، ويكون بها قوام الموضوع ، إلاّ أنه يمكن أن يكون ملاك الحكم الشرعي ... الخ (٢).
لا يخفى أنّ حاصل الايراد الأوّل هو منع المقدّمة الأُولى ، وحاصل الايراد
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٣٢١.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٣٢٢.