المجعول غير اختياري للجاعل. ومنه يظهر أنّه لا محصّل لانوجاب المقدّمة بإيجاب ذيها ، بل هما وجوبان مستقلاّن غايته أنّهما متلازمان ، بمعنى أنّه إذا أوجب ذا المقدّمة لزمه إيجاب نفس المقدّمة.
وأمّا الوجه الثالث وهو جعل الجزئية لما هو واجب ضمناً ، بأن يكون مورد الحكم التكليفي موضوعاً لما هو الحكم الوضعي ، فهو وإن كان ممكناً إلاّ أنه ليس بأولى من عكسه ، وهو جعل مورد الوجوب الضمني موضوعاً لما هو الحكم الوضعي (١) ، بأن يجعل الوجوب لما هو جزء في عالم التشريع على ما حرّرناه (٢) من أنّ جعل الجزئية سابق في الرتبة على جعل الحكم التكليفي ، هذا.
مضافاً إلى أنّ ما نحن فيه لا يمكن أن يجعل الجزئية حكماً لما هو واجب ضمناً ، لأنّ ما هو واجب ضمناً هو نفس الجزء ، فلابدّ أن تكون الجزئية هي السابقة ، وهذا بخلاف مسألة الملكية وجواز التصرّف ، فإنّه يمكن أن يدّعى أنّ جواز التصرّف حكم وارد على ما وقع عليه العقد من دون أخذ الملكية فيه ، وبعد أن صار يجوز التصرّف فيه يحكم عليه بأنّه ملك ، وإن قلنا فيما تقدّم ببطلانه ، نظراً إلى أنّ جواز التصرّف لم يرد إلاّعلى الملك لا على ما وقع عليه العقد مع قطع النظر عن الملك ، لكنّه على بطلانه لا يمكن تأتّيه فيما نحن فيه ، فتأمّل.
وبالأحرى أن يكون هذا النزاع لفظياً ، فإنّ الجزئية المضافة إلى المأمور به المنتزعة من تعلّق الأمر بالمركّب ، لا أظنّ عاقلاً يدّعي أنّها متحقّقة في عالم الاعتبار على حذو الاعتبارات الشرعية ، بل ليست هي إلاّعبارة عن كون ذلك
__________________
(١) [ هكذا وردت العبارة في الأصل والظاهر أنّها من سهو القلم ].
(٢) الظاهر أنّه قدسسره يشير بذلك إلى ما سيأتي في الحاشية اللاحقة في الصفحة : ١٧٢ وما بعدها.