الفعل متّصفاً بكونه مأموراً به بالأمر الضمني ، فهي على ذلك مساوقة لكون الكل مأموراً به ، فلا تكون إلاّ أن تزاعية ، نظير انتزاعية صفة المحروقية لهذا القرطاس عند إحراقه ، وانتزاع صفة المحروقية الضمنية لكلّ واحد من أجزائه على وجه يتّصف كلّ واحد من أجزائه بأنّه جزء المحروق.
كما أنّ لحاظ الشارع المركّب بلحاظ كلّ واحد من تلك الأفعال داخلاً في ضمنه في الرتبة السابقة على الأمر ممّا لا يمكن إنكاره لعاقل. ولأجل ذلك تراهم يقولون كما في الكفاية حيث [ قال : ] وبدون الأمر به لا اتّصاف بها أصلاً وإن اتّصف بالجزئية أو الشرطية للمتصوّر أو لذي المصلحة كما لا يخفى (١) وحاصله : أنّ الكلام في جزئية الركوع مثلاً للمأمور به ، لا في جزئيته لما هو المتصوّر قبل الأمر.
ولا يخفى أنّ هذا هو الذي نسمّيه مقام الاختراع أو مقام التصوّر قبل الأمر وهو عالم تشريعي واعتبار ناشٍ عن اللحاظ التشريعي ، وأنّ الشارع لاحظ تلك الأفعال مجتمعة ونظر إليها نظر الشيء الواحد ، وذلك عبارة أُخرى عن النظر إلى كلّ واحد من تلك الأفعال داخلاً في ضمن ذلك المركّب ، وهذا هو الذي نسمّيه مقام الجزئية الشرعية ، فهل يمكن إنكاره لأحد من العقلاء ، كلاّ ثمّ كلاّ.
وما أُفيد من أنّ الشارع إذا لاحظها جزءاً قبل الأمر أو صرّح بأنّه جعلها جزءاً لا تكون جزءاً من المأمور به مسلّم ، إلاّ أن ذلك لا ينفي الجزئية في عالم التشريع والاعتبار الشرعي الذي هو قبل عالم الايجاب ، وبهذا نستريح من جملة من الإشكالات المتوجّهة على أنّه لا جعل أصلاً سوى الأمر بالكل المنبسط على كلّ واحد من الأجزاء ، مثل كون جزئية الجزء مطلقة شاملة لحال التعذّر ، فيوجب
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٤٠٢.