العمودين لانعتاقه ، أو كان السبب غير اعتباري كما في سببية التنكيل للحرّية والدلوك للوجوب.
نعم ، يبقى الايراد الثاني وهو أنّ الشارع بعد أن اعتبر مثل الدلوك سبباً في الوجوب ، يكون الوجوب مستنداً إلى نفس الدلوك ، لأنّ ذلك مقتضى سببيته المجعولة وإلاّ لم يكن سبباً ، وحينئذ تخرج الأحكام الشرعية الوضعية والتكليفية عن كونها مجعولات شرعية.
ولكن لابدّ من النظر إلى السببية الاعتبارية التي هي محلّ كلامنا ، فهل هي عبارة عن التأثير والتأثّر الحقيقي بحيث إنّه بجعل السببية للدلوك يكون الدلوك مولّداً للوجوب وخالقاً له ، فهذا لا يعقل ، لا لمجرّد ما أُفيد في الايراد الأوّل ، بل إنّا لو سلّمنا إمكان جعل السببية فهي هنا غير ممكنة الجعل ، لأنّ الدلوك يستحيل منه خلق ذلك الوجوب وإفاضته نظير إفاضة النار الاحراق.
وهكذا الحال في التنكيل بالنسبة إلى الحرّية والانعتاق ، فإنّ الحرّية إنّما تكون بالانشاء من المعتق والاعتبار ممّن له الاعتبار ، سواء كان المعتبر هو العقلاء أو كان هو الشارع إمضاءً أو تأسيساً ، أو تكون بالاعتبار فقط كما في الحرّيات القهرية مثل حرّية غير المملوك ، ومن الواضح أنّ التنكيل لا يتأتّى منه الإنشاء ولا الاعتبار ، ولو فرض محالاً أنّه يتأتّى منه ذلك لكانت السببية حقيقية لا اعتبارية.
وبالجملة : أنّ اعتبار كون الدلوك سبباً للوجوب وكون التنكيل سبباً للانعتاق ليس معناه جعل الافاضة له ، وإلاّ لكانت سببيته حقيقية لا اعتبارية ، فإنّ إفاضة الأمر الاعتباري سببيته حقيقية كافاضة الأمر الحقيقي الموجود في عالم الأعيان ، وحينئذ لابدّ من القول بأنّ السببية الاعتبارية للدلوك بالنسبة إلى الوجوب لا واقعية فيها ولا تأثير ولا تأثّر ، وإنّما هي مجرّد اعتبار ، ولا يكون ذلك إلاّعبارة