عن كونه موضوعاً للوجوب أو كونه شرطاً له ، لا أنّه مؤثّر وموجد وخالق ومفيض للوجوب ، وإلاّ لزم خروج جميع الأحكام الشرعية عن كونها مجعولات شرعية ، إذ ما من حكم شرعي تكليفي أو وضعي إلاّوله موضوع ، فإذا كان الموضوع هو السبب الموجد لحكم نفسه ، كانت جميع الأحكام مجعولة لموضوعاتها لا لمشرّعها.
وهذا المعنى من الموضوعية أو الشرطية حاصل بجعل الشارع الوجوب وخلقه واعتباره مربوطاً به ربط الحكم بموضوعه أو ربط الحكم بشرطه ، ولا ريب أنّ هذا الربط ربط شرعي ، فيكون مجعولاً بعين جعل الحكم مربوطاً به ومنوطاً وجوده بوجوده.
أمّا السببية بمعنى كون الدلوك خالقاً للوجوب ، فقد عرفت أنّها غير قابلة للجعل ، لأنّ الدلوك غير قابل للافاضة ، حتّى أنّا لو قلنا بمقالة الشيخ قدسسره (١) التي اختارها شيخنا قدسسره من أنّ المجعول هو المسبّب وهو الوجوب والانعتاق عند حصول ذات الدلوك وذات التنكيل ، فلا يكون جعل المسبّب موجباً لانتزاع السببية للدلوك والتنكيل ، لأنّ الدلوك والتنكيل لا يعقل أن يكونا متّصفين بالسببية الافاضية حتّى بالانتزاع أو بالجعل التبعي القهري ، وإلاّ لكان الانتزاع مناقضاً لما انتزع منه ، فإنّ المنتزع منه هو جعل الشارع الوجوب عند الدلوك ، فإذا قلنا إن جعل الوجوب عند الدلوك ينتزع منه كون الدلوك خالقاً للوجوب كان ذلك المنتزع مناقضاً للمنتزع منه ، وإلى ذلك يرجع ما أفاده في الكفاية بقوله : ومنه انقدح أيضاً عدم صحّة انتزاع السببية له حقيقة من إيجاب الصلاة عنده ، لعدم
__________________
(١) فرائد الأُصول ٣ : ١٢٦ وما بعدها.