اتّصافه بها بذلك ضرورة. نعم لا بأس باتّصافه بها عناية وإطلاق السبب عليه مجازاً الخ (١).
ويمكننا أن نقول حينئذ : إنّ هذه العناية في اتّصافه بالسببية الادّعائية هي عبارة عمّا ذكرناه من السببية الاعتبارية ، التي هي راجعة إلى كونه مرتبطاً بالحكم والحكم مرتبطاً به ربط الحكم بشرطه أو ربطه بموضوعه ، ولعلّه إلى ذلك يشير شيخنا قدسسره بقوله : وحاصل الكلام : أنّ السببية لا يمكن أن تكون مجعولة لا تكويناً ولا تشريعاً ، لا أصالة ولا تبعاً ، وإنّما هي تنتزع من ذات العلّة التكوينية في التكوينيات ، ومن ترتّب المسبّب الشرعي على سببه في التشريعيات الخ (٢). لكنّا نقول : إنّ هذا الترتّب عبارة عن الربط بينهما ، وهذا الربط اعتبار شرعي قد أوجده الشارع بجعله الحكم منوطاً به بإحدى الاناطتين.
ومن جميع ذلك يظهر لك : أنّ ما أفاده في الكفاية (٣) من كون سببيته للحكم ذاتية ، محال عقلاً ، وهو أردأ من دعوى جعل السببية والافاضة له.
نعم ، هناك معنى آخر للسببية الذاتية التي يدّعيها في الكفاية ، وهي كونه سبباً لجعل الحكم وإنشائه من قبل الشارع بالتقريب الذي أفاده شيخنا قدسسره من كونه من دواعي الجعل ، بأن يقال : إنّ في الدلوك خصوصية ذاتية توجب كون الصلاة ذات مصلحة عنده ، والشارع يريد حصول تلك المصلحة للمكلّف ، فهي ـ أعني مصلحة الصلاة عند الدلوك ـ وإن كانت بوجودها الخارجي معلولة لصدور الايجاب من الشارع ، لأنّ صدوره منه يكون بمنزلة العلّة في إقدام المكلّف على
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٤٠١.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٣٩٥.
(٣) كفاية الأُصول : ٤٠١.