عن كونه موضوعاً له ، ومن الواضح أنّ موضوعية الموضوع ليست مجعولة أصلاً ، وإنّما هي عنوان منتزع من جعل الوجوب على تقديره.
وعلى كلّ حال ، فإنّ هذا الذي أشار إليه هنا بقوله : ومنه انقدح عدم صحّة انتزاع السببية له حقيقة الخ ، هو غير ما أشار إليه أوّلاً بقوله : حيث إنّه لا يكاد يعقل انتزاع هذه العناوين لها من التكليف المتأخّر عنها ذاتاً الخ ، فإنّ ذلك الذي أشار إليه أوّلاً مبني على تخيّل أنّ الدعوى هي كون السببية معلولة لذات الوجوب المتأخّر ذاتاً عن السبب ، وهذا الذي أشار إليه ثانياً مبني على كون الدعوى هي انتزاع وصف السببية من نفس القضية الحقيقية ، فلاحظ وتأمّل.
قوله : وهذا من أحد المواقع التي وقع الخلط فيها بين علل التشريع وموضوعات التكاليف ، وبين كون المجعولات الشرعية من القضايا الخارجية الجزئية أو كونها من القضايا الحقيقية الكلّية ... الخ (١).
أمّا الفرق بين ما هو موضوع التكليف في القضايا الحقيقية وما هو من قبيل علّة التشريع فيها ، فهو واضح لا يحتاج إلى بيان.
وأمّا الفرق بين القضية الحقيقية الكلّية والقضية الخارجية الشخصية فهو أيضاً واضح لا يخفى ، فإنّ تحقّق الشرط في القضية الحقيقية لا يوجب خروج ذلك الحكم الذي تضمّنته تلك القضية عن كونه مشروطاً بذلك الشرط ، غايته أنّ وجود ذلك الشرط يوجب فعلية ذلك الحكم ، لا أنّه يوجب انقلابه من المشروط إلى المطلق ، لأنّ المراد بالمشروط ما يكون بحسب جعله الشرعي مشروطاً ومعلّقاً على وجود ذلك الشرط الذي هو موضوعه أو شرطه أو سببه ما شئت فسمّ بخلاف المطلق ، فلا يخرج الوجوب المشروط عن كونه مشروطاً بواسطة وجود
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٣٩٧.