مسألة بيع المجهول والغرر ، فقد جوّزنا الاعتماد في رفع الجهالة ورفع الغرر على ما لا يكون حجّة شرعية كالقياس وخبر الفاسق ، لأنّا فهمنا من الدليل الدالّ على مانعية الجهل أو الغرر هو ما يكون مجهولاً وغررياً عرفاً ، ومن الواضح أنّ إحراز صفة المبيع أو مقداره بالقياس أو بخبر الفاسق يخرجه عن الجهالة العرفية والغرر العرفي.
النحو الثالث : أن يكون من باب الاختلاف بحسب الذوق أو الطبع ، كما تراه في اختلافهم في الصوت الحسن ، فبعضهم يستحسن الصوت الفلاني وبعضهم يستهجنه ، وهكذا الحال في المذوقات والمرئيات ، وهذا خارج عمّا نحن فيه.
وأنت بعد اطّلاعك على هذا التفصيل تعرف أنّ التخطئة وكون الشارع مطّلعاً على الواقعيات إنّما تقال في الأُمور الواقعية ، دون الأُمور الاعتبارية.
ومن ذلك يظهر لك التأمّل فيما أفاده شيخنا قدسسره في هذا المقام من إجراء هذه الجمل في الأُمور الاعتبارية ، وكذلك ما أفاده العلاّمة الخراساني قدسسره في باب الصحيح والأعمّ في أسامي المعاملات بقوله : والاختلاف بين الشرع والعرف فيما يعتبر في تأثير العقد لا يوجب الاختلاف بينهما في المعنى ، بل الاختلاف في المحقّقات والمصاديق وتخطئة الشرع العرف في تخيّل كون العقد بدون ما اعتبره في تأثيره محقّقاً لما هو المؤثّر ، كما لا يخفى ، فافهم (١).
نعم ، يمكن أن يقال : إنّ عدم اعتبار الشارع الملكية في العقد الربوي مثلاً من باب التخطئة للعرف ، لكن ليس المراد تخطئتهم في المصداق ، بل بمعنى تخطئتهم في الاعتبار وجعل ذلك الحكم الوضعي ـ أعني الملكية ـ في مورد البيع
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٣٣.