فلابدّ أن يقال : إنّ اليقين في قوله عليهالسلام : « لا تنقض اليقين بالشكّ » شامل لكلّ يقين حتّى المأخوذ من حيث التنجيز والمعذّرية ، وحينئذ يكون مثل الأصل غير الاحرازي القائم مقام هذا النحو من القطع داخلاً في قوله : « لا تنقض ».
ولكن ينبغي التأمّل فيما أفاده في تحرير السيّد ( سلّمه الله تعالى ) بقوله : ولذا لا مانع من جريانه في كلّ مورد لم يكن دليل الأصل متكفّلاً للبقاء ، بل كان متمحّضاً في الحدوث ، ولذا لو حكمنا بطهارة شيء متنجّس مغسول بالماء إمّا بقاعدة الصحّة أو بقاعدة الفراغ ، ثمّ شكّ في عروض النجاسة له ، فلا مانع من التمسّك بالاستصحاب ، لما ذكرناه سابقاً من أنّ اليقين في باب الاستصحاب إنّما أُخذ في الموضوع من حيث إنّه مقتض للجري العملي ، فلا مانع من قيام الأُصول فضلاً عن الأمارات مقامه ، إلاّ أن ذلك مشروط بوجود اليقين والشكّ في نفس هذا الحكم الظاهري الخ (١).
وهكذا الحال في صحّة الوضوء والغسل المحرزين بقاعدة الفراغ لو حصل الشكّ في الحدث بعدهما ، بل وكذا في عقد النكاح مثلاً لو أحرزنا صحّته بأصالة الصحّة لو حصل الشكّ في طروّ ما يبطله من الرضاع المتأخّر ، فإنّ الجواب عن الجميع واحد ، فإنّ المتيقّن الوجود والمشكوك البقاء هو الصحّة الظاهرية كما أفاده بقوله : إلاّ أن ذلك مشروط بوجود اليقين والشكّ في نفس هذا الحكم الظاهري ، انتهى. ومن الواضح أنّ هذا لا دخل له بقيام هذا الأصل غير المحرز ـ أعني مثل قاعدة الفراغ ـ مقام القطع في عدم جواز نقضه بالشكّ ، فتأمّل.
ومن ذلك يظهر لك الجواب عن جميع موارد الطرق والأمارات والأُصول غير الاحرازية ، فإنّها بعد جريانها في مواردها يتولّد منها الحكم الظاهري ، وهذا
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ٨٤ ـ ٨٥.