قبل قيامها ، وهذا الذي تحدثه يرتفع بما يكون رافعاً للأمر الواقعي ، كالحدث عقيب إحراز الطهارة بأصالة الصحّة في الوضوء أو قيام البيّنة على صحّة ذلك الوضوء ، فلو شككنا في طروّ ذلك الرافع الذي يكون وجوده رافعاً وقاطعاً لما أحدثه ذلك الأصل أو هاتيك الأمارة ، فذلك الذي تيقّنا بوجوده وحدوثه عند قيام أحدهما نشكّ في بقائه فنجري فيه الاستصحاب ، أيّ شيء كان ذلك الذي حدث بقيام أحدهما ، سواء كان هو الحكم التكليفي الظاهري ، أو كان هو الاحراز ، أو كان هو البناء العملي ، أو كان هو مجرّد الجري العملي ، فإنّ أيّ واحد من هذه الأُمور لو قلنا به يكون مشكوك البقاء بعد اليقين بوجوده فيستصحب ، وينطبق عليه قضية « لا تنقض اليقين بالشكّ ».
وينبغي أن يعلم أنّ نتيجة هذا الأخير ـ أعني كون المستصحب هو الحكم الظاهري ـ موافقة لما أفاده شيخنا قدسسره من أنّ دليل حجّية هذه الأُمور ـ أعني الأمارات والأُصول الاحرازية والأُصول غير الاحرازية ـ يخوّلها لأن تقوم مقام اليقين المأخوذ موضوعاً لحرمة نقضه بالشكّ ، في أنّه على كلّ من الطريقتين تكون موارد هذه الأُمور الثلاثة صالحة لجريان الاستصحاب ، بخلاف الطريقة الأُخرى وهي دعوى كون المراد من اليقين هو مطلق الاحراز ، فإنّها لا تنفع في إجراء الاستصحاب في موارد الأُصول غير الاحرازية ، وإنّما تنفع في إجرائه في خصوص موارد الأمارات والأُصول الاحرازية.
ويمكن التوسعة في هذه الطريقة على وجه تكون شاملة للأُصول غير الاحرازية ، وذلك بجعل اليقين كناية عن مطلق الحجّة ، كما نقله المرحوم الشيخ عبد الحسين الرشتي رحمهالله في شرحه للكفاية عن مجلس درس المصنّف قدسسره ، فإنّه قال ما هذا لفظه : وقد قرّر المصنّف في مجلس البحث جواباً آخر عن الإشكال ،