وهو أنّ شمول دليل الاستصحاب مورد الأمارات ، إنّما هو لأجل أنّ المراد من اليقين هو الحجّة ، فالمعنى أنّه لا تنقض ما قامت الحجّة عليه إلاّباليقين سواء كانت الحجّة منجعلة كالقطع والظنّ عند الانسداد حكومة ، أو مجعولة كالأمارات والأُصول حتّى الاستصحاب ، مثلاً إذا كان زيد في الصبح متيقّن الطهارة فشكّ في الحدث فاستصحب الطهارة ، ثمّ شكّ في الظهر في الحدث مع التفاته إلى الاستصحاب الأوّل دون اليقين والشكّ ، فحينئذ يستصحب المستصحب الأوّل وإن كان فيه إشكال.
ثمّ قال : ولكنّك خبير بأنّ هذا الجواب محتاج إلى عناية ، وهو جعل اليقين بمعنى الحجّة ، ولا قرينة عليه لا من نفس دليل الاستصحاب ولا من الخارج ، ولا يقاس بحال اليقين الناقض الذي يكون المراد منه الحجّة بقرينة مقابلته بالشكّ ، حيث يعلم من المقابلة أنّ الأمر البيّن الذي غير الشكّ يكون قاطعاً لليقين (١) ، انتهى ما في الشرح المذكور.
قلت : لم يتّضح الفرق ، إذ كما أنّ المقابلة للشكّ في المرحلة الثانية يكون قرينة على أنّ المراد من اليقين الناقض هو الحجّة ، فكذلك ينبغي أن تكون هذه المقابلة قرينة على أنّ المراد من اليقين الممنوع نقضه بالشكّ هو الحجّة.
والإنصاف أنّ هذا الذي نقله عن المصنّف قدسسره في مجلس البحث لا بأس به ، ولعلّه أحسن الوجوه وأعمّها وأتمّها ، بل لعلّه يمكن القول بالشمول للحجّة العقلية ، حتّى في أحد طرفي العلم الاجمالي بالنجاسة بعد تلف الباقي وقد طرأ احتمال التطهير على ذلك الباقي ، على تأمّل في ذلك.
ويمكن أن يستشهد لما ذكرناه من شمول اليقين الأوّل لما عرفت من
__________________
(١) شرح كفاية الأُصول ٢ : ٢٥٠.