تعيين المرجع بعد سقوط الاستصحاب السابق ، وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
ولا يخفى أنّ هذه الجهة ـ أعني عدم اتّصال زمان الشكّ في الآن الثالث بزمان اليقين الحاصل في الآن الأوّل ـ هي العمدة في الوقفة عن إجراء الاستصحاب في الحكم الواقعي وإلاّ لكان هو المتعيّن ، فإنّ إطلاق عدم رفع اليد عن اليقين بالنجاسة التي كانت عند التغيّر إلى أن يعلم ارتفاعها قاض بالاعتماد عليه في الآن الثالث ، إذ هو لم يعلم فيه ارتفاع تلك النجاسة ، وهو قاض بتحقّق النجاسة الظاهرية في الآن الثالث تحقّقاً وجدانياً ، فيكون الركون في الآن الثالث إلى استصحاب النجاسة الظاهرية الثابتة في الآن الثاني من قبيل الاحراز التعبّدي للنجاسة الظاهرية ، المفروض أنّها في الآن الثالث محرزة وجداناً ببركة استصحاب النجاسة الواقعية ، القاضي بالنجاسة الظاهرية وجداناً ، فلاحظ.
بقي الكلام في الفرع الذي كرّرنا الكلام عليه في الدورة السابقة ، وهو ما لو فقد أحد طرفي العلم الاجمالي بالنجاسة بعد حصول العلم الاجمالي وبقي الطرف الآخر ، فيلزم الاجتناب عنه بحكم العلم الاجمالي ، لكن احتملنا عروض التطهّر عليه ، فماذا يكون الجاري فيه ، ويجري ذلك بعينه فيما لو كان الطرف الآخر موجوداً لكن فرضنا فقده لنستريح من شبهة دعوى أنّ قاعدة الطهارة فيه معارضة بها في الآخر ، وإن كانت هذه الشبهة واهية.
وعلى كلّ حال ، فإنّ الظاهر أنّه لا يمكن استصحاب حالته السابقة لأنّها غير معلومة ، ولا تجري فيه الطرق الثلاث التي تقدّمت. أمّا دعوى شمول اليقين للاحراز العقلائي أو التعبّدي فواضح ، لعدم إحراز نجاسته. وأمّا استصحاب الحكم الظاهري فواضح أيضاً ، إذ ليس في البين حكم ظاهري شرعي ، وأمّا الحكم العقلي بوجوب الاجتناب بحكم العلم الاجمالي فهو ـ أعني هذا الحكم