اللهمّ إلاّ أن نسلك طريقة أُخرى في ذلك ، وهي أن نقول : إنّا نستصحب عدم التطهير ، وبعد إحرازنا عدم عروض التطهير ينفتح باب تأثير العلم الاجمالي. وبعبارة أُخرى : أنّ وجود التطهير يرفع أثر العلم الاجمالي وينسدّ به باب تأثيره في وجوب الاجتناب عن هذا الاناء ، وحينئذ يكون إحراز عدم طروّ التطهّر رافعاً لحصول الطهارة الجديدة ، وبذلك يتنقّح موضوع الحكم العقلي ، وهو وجوب الاجتناب عن طرف العلم الاجمالي.
وهذا المعنى لو تمّ لجرى في موارد الظنّ بالتكليف على الانسداد والحكومة ، حتّى في مثل ما لو ظننا بنجاسة الماء المتغيّر ثمّ زال تغيّره ، فإنّا نستصحب عدم طروّ الطهارة عليه ، بل يمكن إجراء ذلك في جميع موارد الطرق والأمارات والأُصول الشرعية الاحرازية وغير الاحرازية ، فنتّكل فيها على هذا الأصل العدمي ، وهو منقّح لموضوع هذه الوظائف الشرعية ، ففي مثل الماء المتغيّر بالنجاسة الذي زال تغيّره لو شككنا في عروض الطهارة عليه باحتمال اتّصاله بالكرّ بعد زوال تغيّره ، نستصحب عدم اتّصاله بالكرّ ، فيكون هذا الماء غير المتّصل بالكرّ موضوعاً لجريان استصحاب النجاسة السابقة الثابتة قبل زوال التغيير ، ولا يبقى شكّ في بقاء نجاسته إلاّمن ناحية زوال التغيّر فنحكم ببقاء تلك النجاسة.
وهكذا الحال فيما لو قامت البيّنة على نجاسة هذا الماء ، ثمّ بعد قيام البيّنة المذكورة حصل لنا الشكّ في اتّصاله بالكرّ الموجب لخروجه عن اقتضاء البيّنة ، فنستصحب عدم اتّصاله بالكرّ ، فيكون هذا الماء غير المتّصل بالكرّ موضوعاً لما قامت البينة على نجاسته ، فتنحلّ المشكلة في جميع موارد هذا التنبيه من دون حاجة إلى شيء من الوجوه الثلاثة ، بل الأربعة بضمّ مسلك صاحب الكفاية قدسسره ،