تقدّم ، فإنّ هذا الذي حرّرناه هنا كان من الدورة السابقة.
ثمّ لا يخفى أنّا وإن أشكلنا على استصحاب المستصحب بما تقدّم ذكره ، إلاّ أنّ الإنصاف أنّه لا محيص عنه ، فإنّ في المثال المتقدّم كان الماء عند طلوع الشمس متغيّراً بالنجاسة فكان نجساً قطعاً ، ثمّ في الآن الثاني زال تغيّره وشككنا في بقاء نجاسته وحكمنا ببقائها بمقتضى الاستصحاب ، ثمّ في الآن الثالث احتملنا اتّصاله بالكرّ ، فلأجل تعدّد الشكّ وكون الثاني غير الأوّل ، لابدّ أن يكون الجاري في الآن الثالث غير الاستصحاب الجاري في الآن الثاني ، بمعنى أنّ « لا تنقض » تجري أوّلاً في الآن الثاني لازالة الشكّ في أنّ زوال التغيّر موجب للطهارة ، ثمّ تجري ثانياً في الآن الثالث لازالة الشكّ في أنّه قد لاقى الكر.
وحينئذ نقول : إنّ المستصحب في الآن الثالث إن كان هو النجاسة المتيقّنة في الآن الأوّل ، بمعنى أنّ تلك النجاسة التي كانت متيقّنة حين التغيّر سحبناها إلى الآن الثالث من دون تعرّض لحال الآن الثاني ، لزم عدم اتّصال زمان الشكّ بزمان اليقين ، وإن كان المستصحب في الآن الثالث هو النجاسة التي حكمنا ببقائها في الآن الثاني ، كان ذلك المستصحب هو النجاسة المستصحبة وهو المطلوب.
وهذا الإشكال مختصّ بالاستصحاب ، لأنّه الجرّ في عمود الزمان الذي مقتضاه لزوم اتّصال زمان الشكّ بزمان اليقين ، بخلاف ما لو كان الحكم السابق ثابتاً بمثل قاعدة الطهارة ، فإنّ الحكم في الشكّ اللاحق يكون جارياً باجراء القاعدة ثانياً فيه ، من دون حاجة إلى استصحاب الحكم الثابت بقاعدة الطهارة ، بل يكون لنا في كلّ آن شكّ في الطهارة ، ويكون ذلك الشكّ محكوماً بقاعدة الطهارة.