والحكم ببقائه تعبّداً ـ أنّ مجرّد الملازمة لا تنفع ما لم يكن في البين ما نحرز به الملزوم ، وهو ثبوت الشيء واقعاً ، وحينئذ يكون مراده من الإشكال هو أصل إشكال جريان الاستصحاب في موارد الأمارات ، ومراده من الجواب هو ما أفاده في الكفاية من جعل الملازمة ، ومراده بدفع ذلك الجواب هو ما عرفت من أنّ جعل الملازمة لا ينفع في هذا الفرض لعدم إحراز الملزوم ، لكن هذا الدفع لم يتقدّم له في كلامه ذكر ، وإنّما كان إيراده على الكفاية هو ما تقدّم من لزوم كون قاعدة الفراغ معارضة للبيّنة ، والظاهر أنّه لا يتأتّى في هذا التأليف ، وإنّما يتأتّى فيما تقدّم من كون مفاد دليل الأمارة هو الحجّية ، ومفاد دليل الاستصحاب هو الملازمة ، ولأجل ذلك قال هناك : ولعمري إنّ تلك الجهة من ثبوت جعل مؤدّى الأمارات مجرد جعل الحجّية.
قال قدسسره : نعم لو كان مفاد دليل الاستصحاب حرمة نقض اليقين ، قد يتوهّم إحراز اليقين بالوجوب المردّد بين الظاهري الزائل أو الواقعي الباقي ، كما لا يخفى على المتأمّل و [ من ] دقّق النظر ، فيستصحب الكلّي المشترك (١).
كلّما تأمّلت ودقّقت النظر القاصر لم أتوفّق لمعرفة كون المقام من قبيل التكليف المردّد بين الزائل والباقي ، مثلاً لو قامت الأمارة على وجوب الفعل الفلاني ، ثمّ شككنا في بقاء ذلك الوجوب لاحتمال طروّ رافعه فنقول : إنّ تلك الأمارة لو كانت مطابقة للواقع كان كلّ من الواقعي الواقعي (٢) والوجوب الظاهري
__________________
(١) مقالات الأُصول ٢ : ٣٧٧.
(٢) [ كان في الأصل : التكليف الواقعي ، ولكنّ المصنّف قدسسره شطب عليه وأبدله ب : الواقعي الواقعي ].