مشكوك البقاء ، وإن كانت مخالفة للواقع فلم يكن في البين إلاّ الوجوب الظاهري وهو أيضاً مشكوك البقاء مع فرض كونه معلوم الحدوث ، هذا إذا قلنا بكون الوجوب الظاهري حكماً حقيقياً إمّا مطلقاً وإمّا في صورة الخطأ ، لأنّه في صورة الاصابة يندكّ مع الوجوب الواقعي. وإن قلنا بأنّه لا حقيقة للوجوب الظاهري ، وأنّه صوري محض لحفظ الواقع ، ففي صورة الاصابة لا يكون إلاّ الوجوب الواقعي وهو مشكوك البقاء ، وفي صورة الخطأ لا يكون في البين وجوب أصلاً.
نعم ، قد يقال : إنّ طروّ الشكّ في البقاء يوجب سقوط الحكم الظاهري ، لأنّ قوامه هو الحجّية والاحراز وقد زال ذلك بالشكّ. وبعبارة أُخرى أنّ قوام الحكم الظاهري منوط بالعلم بوجوده ، وفي ظرف الشكّ ببقائه لا قطع بوجوده فينعدم الحكم الظاهري ، لكن الحكم الواقعي لو كان لا يكون معلوم البقاء ، وحينئذ يدور الأمر في المثال بين وجوب ظاهري مقطوع الزوال ووجوب واقعي مشكوك الارتفاع لا مقطوع البقاء.
لا يقال : إنّه وإن كان في حدّ نفسه مشكوك البقاء ، إلاّ أنه بالنظر إلى الاستصحاب يكون معلوم البقاء تعبّداً.
لأنّا نقول : إنّ النظر إلى الاستصحاب لا يكون نافعاً ، لأنّ الكلام إنّما هو قبل النظر إلى الاستصحاب ، بمعنى أنّ نفس الشيء المستصحب إذا كان مردّداً بين مقطوع البقاء ومقطوع الارتفاع ، يكون مورداً لاستصحاب الكلّي ، لا أنّه بالنظر إلى الاستصحاب يكون كذلك.
نعم ، هنا شيء آخر وهو أنّه لو تردّد الحادث بين البقّة المقطوعة الارتفاع بعد أيّام ، والفيل المحتمل البقاء لاحتمال موته في هذه الأيّام ، يمكن إجراء استصحاب الكلّي في مثل ذلك ، وما نحن فيه من هذا القبيل ، فإنّ الوجوب