حكماً شرعياً ، وكان حدوث أحد فرديه علّة لحدوثه ، إلاّ أن عدم أحد فرديه لا يكون علّة في عدمه ، إلاّ إذا انضمّ إليه القطع الوجداني بارتفاع أو انتفاء الفرد الآخر وحينئذ يكون الأصل المذكور مثبتاً ، إلاّ أن ترجع الشبهة إلى ما تقدّم (١) نقله والجواب عنه عن الأُستاذ العراقي قدسسره من إحراز عدم الكلّي بعدم أحد فرديه بالوجدان والآخر بالتعبّد. وعلى كلّ حال لا يكون أصالة عدم الجنابة في نفي كلّي الحدث إلاّمثبتاً فلاحظ ، وحاصل ذلك هو أنّه قد تقدّم أنّ استصحاب الفرد لا يترتّب عليه الأثر اللاحق للكلّي ، فكيف يمكن أن يدّعى أنّ نفي أثر الكلّي مترتّب على نفي الفرد حتّى لو ضمّ إليه انعدام باقي الأفراد بالوجدان.
ومن ذلك يظهر لك الحال في تردّد النجاسة بين البول والدم ، سواء كان ذلك بعد الغسل مرّة أو قبله ، فإنّ أصالة عدم نجاسة الدم وإن لم تكن معارضة لأصالة عدم نجاسة البول لكون الأثر فيهما من قبيل الأقل والأكثر غير الارتباطيين ، إلاّ أنّ أصالة عدم نجاسة البول لا يترتّب عليها الحكم بعدم حدوث كلّي النجاسة إلاّ بما عرفت من الإثبات ، أو التشبّث بالاحراز الوجداني والتعبّدي بعد الغسل مرّة وأصالة البراءة من الغسلة الثانية محكومة لاستصحاب بقاء كلّي النجاسة ، كما أنّ استصحاب عدم نجاسة البول وإن ترتّب عليه نفي الغسلة الثانية ، إلاّ أنه بعد فرض أنّه لا يحكم على استصحاب كلّي النجاسة ، لا يكون حاله من هذه الجهة إلاّكحال أصالة البراءة في عدم منافاته لاستصحاب كلّي النجاسة وعدم حكومتها عليه ، وبناءً على ذلك تكون النتيجة هي أنّه وإن لم يجب عليه الغسلة الثانية ، إلاّ أنه مع ذلك لا يجوز له الصلاة في ذلك المتنجّس ، نظراً إلى استصحاب كلّي النجاسة.
وهكذا الحال فيما لو توضّأ ثمّ علم أنّ حدثه مردّد بين البول والجنابة ، فإنّا
__________________
(١) في الصفحة : ٢٧٥ وما بعدها.