وإن قلنا إنّه لا يجب عليه الغسل بالنظر إلى أصالة عدم الجنابة أو أصالة البراءة ، إلاّ أنّه مع ذلك لا يجوز له مسّ المصحف أو الدخول في الصلاة ، نظراً إلى استصحاب كلّي الحدث ، وحينئذ لا يبقى معنى محصّل لأصالة البراءة أو أصالة عدم البول في التردّد بين البول والدم ، كما أنّه لا محصّل لذلك في مسألة التردّد بين البول والجنابة بالنسبة إلى أثر القدر المشترك ، أعني مسّ المصحف وعدم جواز الدخول في الصلاة. نعم لذلك أثر بالنسبة إلى ما يخصّ الجنابة نفسها ، أعني عدم جواز اللبث في المساجد مثلاً ، والغسلة الثانية في مسألة التردّد بين البول والدم وإن كانت من خصائص البول ، إلاّ أن نفيها بأصالة البراءة أو بأصالة عدم البول لا ينفع ولا يجدي جواز أكله أو الصلاة فيه بعد الغسلة الأُولى ، بعد بقاء جريان استصحاب كلّي النجاسة فيه بحاله.
ومن ذلك يتّضح لك التأمّل فيما أُفيد عن شيخنا قدسسره بقوله : نعم لو اختصّ أحد الفردين بأثر زائد كان استصحاب عدم حدوث ذلك الفرد لنفي ما اختصّ به من الأثر جارياً بلا معارض (١) وهكذا الحال في قوله : فكما يجري استصحاب بقاء الكلّي ، كذلك يجري استصحاب عدم حدوث الفرد الباقي ، وينفى بذلك الآثار المترتّبة على وجود الفرد الخ (٢) فلاحظ وتأمّل.
قال في العروة في فصل كيفية تنجّس المتنجّسات : ( مسألة ١٠ ) إذا تنجّس الثوب مثلاً بالدم ممّا يكفي فيه غسله مرّة ، وشكّ في ملاقاته للبول أيضاً ممّا يحتاج إلى التعدّد ، يكتفى فيه بالمرّة ويبنى على عدم ملاقاته للبول. وكذا إذا علم نجاسة إناء وشكّ في أنّه ولغ فيه الكلب أيضاً أم لا ، لا يجب فيه التعفير ، ويبنى
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٤١٨.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٤١٩.