خارج عمّا نحن فيه من استصحاب القسم الثاني من الكلّي ، بل هو من استصحاب القسم الثالث من الكلّي ، لكن اعتماده على أصالة عدم البول أو الولوغ محلّ تأمّل ، إذ ليس المدرك في عدم جريان استصحاب هذا القسم الثالث من الكلّي هو أصالة عدم وجود الفرد الآخر لتكون حاكمة على استصحاب الكلّي ، بل إنّ هذا الأصل لا ينفع في الحكومة على استصحاب الكلّي لو كان في حدّ نفسه جارياً ، بل إنّه بنفسه غير جار ، لا أنّه في حدّ نفسه يجري وإنّما يرفع اليد عنه لأجل حكومة أصالة عدم وجود الفرد الآخر عليه. إلاّ أن يقال : إنّ استصحاب الكلّي وإن كان غير [ جار ] في حدّ نفسه ، إلاّ أن الابدّ لنا من إزالة الشكّ في وجود الفرد الآخر ، فإنّما تجري أصالة العدم في الفرد الآخر لأجل هذه الجهة ، لا لأجل حكومتها على استصحاب الكلّي ، فلاحظ وتأمّل.
وينبغي أن يعلم أنّ هذا الذي ذكرناه مبني على كون الغسل واجباً غايته أنّه مردّد بين المرّة والمرتين ، أمّا بناءً على عدم وجوب ذلك ، وأنّه ليس في البين إلاّ أنّ النجاسة التي [ هي ] حكم شرعي أو موضوع شرعي حكمها عدم جواز الأكل أو عدم جواز الصلاة معه ، وأنّها ترتفع بالغسل مرّة أو مرّتين ، فلا تكون المسألة من قبيل الأقل والأكثر.
وحينئذ لو حدث هذا العلم الاجمالي المردّد بين الدم والبول قبل الغسل مرّة ، تعارض الأصلان إن رجع كلّ منهما إلى أصالة عدم كلّي النجاسة ، وإلاّ فلا أثر لنفي كلّ واحد منهما بخصوصه ، حيث إنّ الأثر وهو حرمة الأكل أو عدم جواز الصلاة إنّما هو أثر الكلّي دون الخصوصية. وعلى أيّ ، يسقط كلّ من الأصلين إمّا لنفسه أو للتعارض ، فلو غسله مرّة بعد هذا العلم الاجمالي جرى استصحاب كلّي النجاسة أو بقي العلم الاجمالي مؤثّراً بحاله.