استصحاب الكلّي ، وأنّه فيها محكوم بقاعدة الطهارة وقاعدة الحل وأصالة عدم الجنابة الجارية في حقّه سابقاً ، هذا هو ما كنّا حرّرناه فيما تقدّم.
ولا يخفى أنّه قد تقدّم مراراً أنّه لا معنى لنسبة الوجود إلى الفرد ، بل لا معنى للفرد إلاّوجود الطبيعي ، غايته أنّ الفرد يكون وجوداً لكلّيات متعدّدة ، لكنّه إنّما يكون وجوداً للكلّي المعيّن بلحاظ إضافته إلى ذلك الكلّي ، فليس الفرد إلاّحصّة من الكلّي ووجوداً لذلك الكلّي ، ونقطة النزاع بين الشيخ قدسسره وبين صاحب الكفاية قدسسره هي أنّ الفردين هل هما وجود واحد للكلّي ، أو أنّهما وجودان؟
والذي يظهر من الشيخ قدسسره (١) هو الأوّل ، فالفرد الواحد عنده وجود للكلّي كما أنّ الفردين أيضاً وجود واحد لذلك الكلّي ، غايته يختلف الوجودان بالضيق والسعة ، وذلك هو السبب في بقاء الكلّي في صورة الفردين عند انتفاء أحدهما ، ولأجل ذلك أرجع الشكّ في الفرد الواحد أو الفردين إلى الشكّ في مقدار استعداد الكلّي للبقاء ، ولذلك أورد عليه شيخنا قدسسره في آخر كلامه (٢) بأنّه حينئذ يكون من الشكّ في المقتضي.
ولكن يمكن دفع هذا الإيراد بأنّ الشيخ قدسسره ليس مراده أنّه من قبيل الشكّ في الاستعداد حقيقة ، بل أطلق عليه ذلك تسامحاً منه قدسسره ، ومراده هو كون المقام من قبيل التردّد بين مقطوع البقاء ومقطوع الارتفاع.
ولا يخفى أنّ هذه الطريقة لو تمّت لأمكن التفصيل فيها بين ما لو كان وجود الفرد المشكوك على تقديره مقارناً لوجود المقطوع ، بخلاف ما لو كان وجوده متأخّراً عن وجوده وإن اجتمعا في الوجود ، ويشهد بذلك ما تقدّمت الاشارة إليه
__________________
(١) فرائد الأُصول ٣ : ١٩٥ ـ ١٩٦.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٤٢٦.