من كون الفردين امتثالاً واحداً ، وإن أمكن المنع من هذه التفرقة لعدم الأثر للمقارنة والتدرّج فيما نحن فيه بعد أن كان قد تعلّق اليقين في آن بوجود الطبيعي في ضمن الفردين أو في ضمن الفرد ، وأمّا باب الأوامر فلأنّ المدار فيها على الايجاد وهو واحد ، فلا يكون الامتثال إلاّواحداً ، وإن كان الموجود بل الوجود متعدّداً ، بخلاف ما نحن فيه فإنّ المدار فيه على وجود الطبيعي ، وحينئذ لابدّ من النظر في أنّ هذا الوجود واحد ولو مع الفردين ، أو أنّه متعدّد مع الفردين.
والذي يظهر من الشيخ قدسسره هو اختيار الأوّل ، والذي بنى عليه في الكفاية (١) هو الثاني ، وهذه نقطة النزاع بينهما ، وهي التي حتّمت على الشيخ قدسسره اختيار جريان الاستصحاب في القسم الأوّل من الكلّي بكلا صورتيه ، أعني الاقتران والتدرّج (٢) ، كما أنّها حتّمت على صاحب الكفاية قدسسره اختيار المنع من ذلك نظراً إلى تعدّد وجود الطبيعي مع الفردين ، هذا.
ولكن شيخنا قدسسره في هذا التحرير (٣) قد سلك في قبال الشيخ قدسسره مسلكاً آخر وهو إنكار وجود الكلّي في الفرد ، بل الموجود هو الحصّة ، ولا إشكال في مباينة الحصص وتعدّدها حسب تعدّد الأفراد.
ولكن الذي يظهر من تحرير السيّد ( سلّمه الله تعالى ) أنّه قدسسره قد عدل عن هذه الطريقة في قبال الشيخ قدسسره وسلك في ذلك مسلك الكفاية ، فإنّ قوله : لا لأنّ
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٤٠٦ ـ ٤٠٧.
(٢) [ لا يخفى أنّ المراد بالقسم الأوّل من الكلّي هو القسم الأوّل من القسم الثالث من الكلّي ، كما أنّ المراد بصورتي الاقتران والتدرّج هو اجتماع الوجودين في آنٍ سواء اقترن حدوثهما أو تدرّجا في الحدوث ، وهذا يستفاد من اطلاق كلام الشيخ قدسسره فراجع فرائد الأُصول ٣ : ١٩٦ ].
(٣) فوائد الأُصول ٤ : ٤٢٤ ـ ٤٢٥.