وأمّا الصورة التي استثناها بقوله : نعم لو لم تحرز الصحّة الفعلية الخ (١) فلعلّ أن يكون المراد منها هي ما لو كان متطهّراً من الحدثين وخرج منه البول واحتمل خروج المني ، وكان مردّداً في أنّه على تقدير خروجه هل خرج قبل البول أو بعده أو معه ، فإنّه حينئذ لا يمكنه تطبيق استصحاب الصحّة التعليقية من ناحية الوضوء ، إذ لا يمكن أن يقال في حقّه إنّه كان في زمان محكوماً بأنّه لو توضّأ لحصلت له الطهارة ، فلا تتحقّق فيه الطهارة الفعلية عند الوضوء حتّى مع فرض الشكّ في وجود الحدث ، فضلاً عمّا لو أحرزه بالاستصحاب.
وأمّا قوله : لا يبقى مجال دعوى أُخرى الخ (٢) فحاصل هذه الدعوى هو أنّ كلّي الحدث لا أثر له قبل الوضوء للعلم بالحدث الأصغر ، فلا يترتّب أثر عملي على كلّي الحدث كي يجري فيه الاستصحاب ، ويكون العلم بكلّي الحدث عند طروّ ذلك البلل المردّد بين الأصغر والأكبر منحلاًّ بجريان الأصل المثبت في الأصغر والنافي في الأكبر. وحاصل الجواب هو أنّه لا يعتبر في المستصحب ترتّب الأثر عليه في حال اليقين به ، إذ يكفي ترتّب الأثر عليه في حال الشكّ في بقائه وهو ما بعد الوضوء ، لانقطاع استصحاب الأصغر حينئذ بالوضوء.
ولم أتوفّق لمعرفة الوجه في هذه الملازمة بين الصحّة من ناحية الشرط الذي هو الطهارة وبين الصحّة من ناحية المانع الذي هو الحدث ، فإن كان المنشأ فيها هو التضادّ بين الطهارة والحدث ، فهذا لا يخرجه عن الأصل المثبت إن كان المراد أنّ ثبوت الطهارة يوجب الحكم بعدم الحدث.
وإن كان المراد أنّ الحكم بالصحّة من ناحية الشرط يلازم الحكم بالصحّة
__________________
(١) مقالات الأُصول ٢ : ٣٨٩.
(٢) مقالات الأُصول ٢ : ٣٩٠.